آخر الأخبار

“قضية ياسين الشبلي من الحديقة إلى الكفن من يفك شيفرة التضارب

ابن جرير 2022
شاب مغربي في مقتبل العمر يُدعى ياسين الشبلي يُعتقل بعد جلوسه مع صديقته في حديقة عمومية بعدها بساعات يُعلن عن وفاته داخل مخفر الشرطة
حادث بسيط تحوّل إلى قضية رأي عام محمّلة بتفاصيل مثيرة وتضارب واضح بين الروايات ما يدفع إلى التساؤل حول ما حدث فعلاً خلال الساعات القليلة بين الاعتقال والوفاة

الرواية الرسمية كما وردت في بلاغ النيابة العامة تؤكد أن الوفاة كانت نتيجة سقوطات متكررة بسبب حالة هستيرية مرتبطة بالسكر المتقدم في حين أشار تقرير التشريح الطبي إلى وجود رضوض وكدمات واحتقان دماغي لكنه نسبها إلى فقدان التوازن والسقوط الذاتي

لكن المفاجأة جاءت مؤخرًا بعدما نشر المحامي رشيد آيت بالعربي الذي يُمثل ذوي حقوق الضحية تدوينة عبر صفحته على فيسبوك كشف فيها أنه اطلع لأول مرة على تسجيلات الكاميرا داخل مركز الشرطة والتي وصفها بالصادمة والمأساوية وقال إن ياسين كان مكبل اليدين للخلف لمدة ثماني ساعات متواصلة ومربوطًا إلى قضبان حديدية بينما كان يتلقى ضربات عنيفة على الرأس وبين الفخذين

هذه المعطيات المصورة تطرح تساؤلات حقيقية حول

من يقف خلف الرواية الرسمية وما مدى مصداقيتها
ما مدى صحة تقرير التشريح الطبي وهل عكس فعلاً حقيقة ما وقع
هل يوجد تفسير لتأخر عرض التسجيلات المصورة لأكثر من ثلاث سنوات
هل الرواية الرسمية صيغت قبل التأكد من كافة الأدلة
ما هو الإطار القانوني لمتابعة عناصر الشرطة المتهمين وهل تهم القتل الخطأ والعنف كافية في حال ثبوت التعذيب
هل تم فتح تحقيق قضائي جديد بناءً على ما ورد في التسجيلات
هل ستتم مراجعة أداء الخبرة الطبية في هذا الملف ومن يتحمل مسؤولية نتائجها
ما موقف النيابة العامة بعد ظهور معطيات جديدة تخالف مضمون بلاغها الأصلي
وهل يحق للرأي العام الاطلاع على نتائج التحقيقات بشكل شفاف ومسؤول

وبكل وضوح فإن طرح هذه الأسئلة لا يُعد طعنًا في القضاء أو في أي جهة رسمية بل هو دعوة صادقة لإظهار الحقيقة وتطبيق القانون على كل من له يد في هذه القضية وهو ما يحث عليه أكبر هرم في البلاد إذ جاء في الخطاب الملكي أن “كلنا سواسية أمام القانون” كما أن بلاغات وخطابات كبار المسؤولين عن قطاع العدل تؤكد التزام المغرب بمبدأ عدم الإفلات من العقاب وتكريس العدالة والإنصاف كما أن الاستراتيجية التي تتبعها الإدارة العامة للأمن الوطني تقوم على ربط المسؤولية بالمحاسبة وتكريس الشفافية

بين الرواية الرسمية وشهادة المحامي يتسع الفارق وتتزايد الحاجة إلى كشف الحقيقة الكاملة لا فقط من أجل إنصاف ياسين الشبلي وعائلته بل من أجل تكريس الثقة في مؤسسات العدالة وتحصينها من الشبهات والتأويلات

قضية ياسين ليست مجرد ملف قضائي بل اختبار حقيقي لمصداقية المؤسسات ولمدى التزامها بواجب الشفافية والمساءلة

ويبقى السؤال مفتوحًا هل ستُروى القصة كاملة أم سيبقى التضارب سيد الموقف وللقضاء كلمته الأولى والأخيرة.