آخر الأخبار

آخــرقــلاع الـثــقـافـة بـمـراكـش

المبارك الگنوني

من منا لا يتذكرالليلية الحزينة لأول أيام الصيف لما اندلع حريق في 3 من الأكشاك الخاصة ببيع الكتب، بالقرب من باب دكالة بمراكش، مساء الأحد 21 يونيو 2020 ؟ الأمرالذي حوّل هذه الأخيرة إلى رماد، حيث تكبد أصحاب هدة المحلات خسائر مادية قدرت بـ40 ألف درهم للمحل.لقد حبرت أكثر من سبع مقالات ملتمسا من المسؤؤولين نقل هؤلاء الباعة المناضلين الى فضاء يليق بمقام الكتاب والقراء. القراءة عبادة ومن الأوامر الإلهية التي أمرنا الله بها في كتابه في قوله تعالى:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ) والعبادة تستلزم السكون والطمانينة وطهارة المكان.لقد شهد الكتاب المستعمل ازدهارا في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي حيث كانت جامع الفنا مسرحا كبيرا للكتبيين من جهة وللحكواتيين، الذين ربطوا علاقات ثقافية مع بائعي الكتب القديمة، لأنهم كانوا يستأجرون كتبا من عيون التراث العربي، كـ”الأزلية” و”ألف ليلة وليلة”، وكل مؤلف يحاكي التراث الشفهي الشعبي.أكشاك بيع الكتب في باب دكالة؛ من آخر قلاع ومعاقل الثقافة في المدينة الحمراء، التي كانت تزدهر بها المكتبات ودكاكين بيع الكتب. نفس المصير سيلحق بأغلب المكتبات المراكشية العريقة التي سيندثر أغلبها مع مرور الزمن حتى إنه لا يكاد يتبقى منها في الوقت الحالي إلا مكتبة سي عبد الغني بناني في سويقة المواسين، فيما تم نقل مقر مكتبة الغزالي من موقعها التاريخي إلى شارع علال الفاسي في حيّ الداوديات.

زبناء من نوع خاص ترددوا على جامع الفنا واقتنوا بعض الكتب والمجلات من أمثال:الطبيبب و السفيرالمهدي بنعبود والطيب الصديقي، الممثل العالمي آلان دولون، وجون بول بلمندو، وكذلك فارس الشاشة الكبيرة عمر شريف….. شهد الكتاب المستعمل بمراكش مسلسلا من الرحيل والترحيل، إذ انتقل الكتبيون من جامع الفنا، التي شكلت الموقع الأول لبيع وترويج الكتاب و كانت المحطة الأولى في عرصة البيلك، ومن ثمة إلى جانب أسوار مسجد الكتبية، فبعدها إلى مقبرة سيدي بوغريب، حيث كان الكتاب يحاور الموتى وأصبح غريبا، في منطقة يسيطر عليها مدمنو المخدرات والكحول والمشردون وقطاع الطرق.السلطات نقلت الكتبيين إلى سوق جديد اسمه سوق “الازدهار”، هذا الفضاء لم يحمل من الازدهار إلا الاسم. في هذا السوق اختلط الكتبي بالبقال وبائع الخضر وصاحب المتلاشيات، وكانت الفوضى تعم أرجاءه .اختار المسؤولون عن الشأن الثقافي مناسبة اليوم العالمي للكتاب من سنة 2002 لهدم سوق “الازدهار”،وهكذا كانت الجرافات تغرس أنيابها في بناية السوق أمام أعين الكتبيين ومجاوريهم من باعة الخضر والمواد الغذائية ، ليبدأ شوط آخر من الانتظار والمعاناة.أسس الكتبيون جمعية لباعة الكتب المستعملة.صيقنا خالد بلخرشي واحد من الذين أدركتهم حرفة الأدب،ناضل من أجل استقرار الكتبيين متكتلين في مكان واحد، بعد عملية الإحصاء التي أقصت العديد منهم. واختار لهم المجلس البلدي مكانا لا يبعد عن المحطة الطرقية إلا بخطوات قليلة، بعدما استفاد 20 كتبيا من أكشاك صغيرة، لا تتعدى مساحتها مترا ونصف المترلا تستجيب لمعايير الجمالية و لشروط البيع المنظم كما لم يتم استشارتهم في اختيار الموقع ولا في تحديد شكل وهندسة الأكشاك. إلى حدود كتابة هذه السطورلازال الكتبيون يناضلون من أجل مشروع إعادة أكشاك الكتبيين إلى فضاء يليق بالفعل القرائي و بالزائرين ورواد الكتاب.فبكفاحه جعل رئيس الجمعية ” جـمـال تـبَّـت” الكتاب المستعمل ينبعث من رماده كالعنقاء. تحية إكبار لخالد بلخرشي و لكل الكتبيين المناضلين.