شروط إمكان المقرئ أبو زيد:
1- فكرة شروط الإمكان فكرة كانطية مفادها أن “معرفة” موضوع ما لها شروط تجعلها ممكنة…إذا غابت هذه الشروط صارت معرفة هذا الشيئ مستحيلة، لكن “التفكير” فيه يبقى ممكنا غير أن التفكير لا ينتج معرفة(تفصيل هذه الفكرة في تدوينة لاحقة )….
2- الآن ما هي شروط إمكان انبثاق “محاضر” مثل المقرئ أبو زيد؟
3- إنها شرطان، واحد من طبيعة ابستمولوجية ، وآخر من طبيعة سوسيولوجية.
■ الشرط الابستمولوجي:
الرجل أستاذ جامعي يدرس الأدب العربي…عرفه الناس منذ 30 سنة على الأقل….
● خلال كل هذه المدة لم أقرأ له أي مقال علمي في تخصصه منشور في مجلة علمية محكمة.
● خلال هذه المدة لم أسمع انه أصدر كتابا في تخصصه…
● خلال هذه المدة لم أقرأ إسمه في أي ندوة علمية داخل اي جامعة في تخصصه.
2- يعرف كل من يمارس البحث العلمي ومن يشارك في الندوات العلمية داخل الكليات وخاصة ضمن مختبرات البحث في الماستر والدكتوراه، يعرف أن عليه إن اراد المشاركة أن يحترم قواعد البحث العلمي، ويعرف أن الحضور في المنصة يتشكل من باحثين سيحاسبونه على ما يتفضل به من أفكار….كما يعرف أن الجمهور في المدرج أو القاعة هو جمهور فيه المتخصص وفيه المهتم وان كل ما يصدر عنه يقع تحت رقابة علمية…فأنت مثلا تتحدث عن الفلسفة السياسية عند اسبينوزا وزميلك في المنصة يشتغل بالفلسفة السياسية وآخر ضمن الجمهور له دكتوراه حول اسبينوزا. ..إلخ ….
في فضاء مثل هذا لا يمكن لأي كان أن “يطلق السلوكية” على عباد الله….فإما سيشوهونك في عين المكان أو سيجعلون منك نكتة الموسم في كل رحاب الجامعة وباقي الجامعات.
نفس الملاحظة تنطبق أيضا على نشر المقالات ونشر الكتب…فإما سيباع كتابك وينفذ في سنة أو سيبقى عرضة للغبار عند الروبيو بائع الصحف في شارع محمد الخامس بالرباط
3- في حدود علمي لم يدخل المقرئ مثل هذه الساحات…لهذا فالرجل يحاضر في أي موضوع ودون فرامل وبدون خجل “بلا مرررراكات”…
=========
■ الشرط السوسيولوجي:
1- قد تحترم قواعد البحث العلمي لكن إذا كنت تتعمد أن تلقي عملك أمام “جمهورك” الإيديولوجي فاطمئن انه لا أحد سينتقدك…لأنه جمهور يتصف بالمحاباة والمجاملة…أما إن كان جمهورك يتميز، فضلا عن صفة المحاباة السابقة، بصفة عدم التخصص وغلبة “الأمية”…فلن تفوز فقط بالهدنة بل ستفوز أيضا بالتصفيقات والتبجيل. …وهنا نقطة الخطر إذ سيتضخم أناك وسيتمكن منك مرض “طليق السلوكية”
2- لأن المقرئ هجر ساحات البحث العلمي الشاق، وأراح نفسه من تحديات النشر والتأليف العلميين، واختار جمهورا لا يملك استقلالية الباحثين وفضول العارفين فإن “المقرئ لما اطمأن ألا نقد هناك استطاب اللعبة، بل صار التطبع طبعا وأصبح “طليق السلوكية” طبيعة لدى صاحبنا إلى حد أظن معه انه لو أراد الرجوع إلى قواعد البحث العلمي لن يستطيع….ويكفي انه في فيديو الإلحاد كشف أن اهتمامه بالإلحاد بدأ لما “كلفه الإخوان بذلك”….فهل يستوي الذي تكلفه جماعة لا حظوظ للبحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية في عقلها، مع الذي تكلفه مؤسسة علمية ببحث علمي أو يكلفه مركز دراسات بعمل ما أو تمنحه جامعة منحة سنة ونصف للتفرغ لعمل علمي؟ هل يستويان؟
الخلاصة:
“طليق السلوكية” له شرطان: الأول أن تتهرب من البحث العلمي بصعوباته فتنخرط في السهل والعاجل والشفوي، الثاني أن تتجنب الجمهور اليقظ والناقد….
لهذا اقول مرة أخرى :
يا أساتذة الجامعة دافعوا عن الجامعة و اقتحموا على الرداءة ندواتها. ..كيف أن التافه لم يخجل فدخل الجامعة وانتم أهلها وحراسها تخجلون؟
عبد الكريم كريبي