محمد نجيب كومينة
َانخفضت اسعار المحروقات والقمح ومواد غذائية اخرى في السوق العالمية، وانخفض معدل التضخم في عدد من بلدان العالم، المعروف انه ناشئ فيها عن حجم التداول النقدي الناتج عن سياسات تيسيرية مبالغ فيها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي انخفض فيها هذا المعدل الى 6%، لكن التضخم هنا لم ينخفض، وبالاخص مايتعلق منه بالمواد الاستهلاكية الاساسية، اللهم ما تعلق بالطماطم التي اتخذ قرار حكومي بشان تصديرها، وهذا ما يعني ان قانون السوق لايشتغل هنا كما يشتغل لدى غيرنا، و ان الاسعار التي ترتفع لا تنخفض بعد ذلك ابدا، او لماما، حتى لما تنخفض الكلف و يوزع الدعم العمومي بسخاء يشبه الغباء.
وهكذا يترتب عن انخفاض الكلف تحقيق البعض لارباح فاحشة تقتطع من القدرة الشرائية للمواطنين ولا تخضع للتضريب.
قانون حرية الاسعار المفروض ان يجعل المنافسة تتجه بالاسعار نحو الانخفاض في ظروف كالظروف الحالية لم ينتج مفعوله النظري، لان السوق غير منظمة بالشكل الذي يقوي المنافسة، و لان الوسطاء الانتهازيين يتصرفون وفق ما تقضي به مصالحهم ولا يولون اعتبارا لقانون او لغيره، مادامت الرشوة وعلاقات الفساد تمكنهم من كل انواع التجاوزات، اما يد الدولة، فقد تبين انها شلت، وحملات المراقبة التي اطلقتها الحكومة مؤخرا كانت بلا اثر، بحيث ان المراقبين انما الزموا التجار باشهار الاسعار الصادمة و منهم من جمعوا اتاوات فرض التجار على المستهلك اداءها بالزيادة في الاسعار وليس بخفضها.
مجلس المنافسة لا حول ولاقوة له امام هذا الواقع، ودوره صار على الورق فقط مند ان نجحت اوليغارشية المحروقات في افشاله، والمؤكد انه لا يستطيع شيئا في مواجهة اوليغارشيات اخرى، من قبيل شركات التامين والابناك و غيرها.
اعادة العمل ببعض مقتضيات مرسوم 1973، التي لا تناقض في شئ قانون الاسعار والمنافسة، بالشكل الذي يسمح للسلطات المعنية بوقف ممارسات التواطؤ و الاعتداء على ارزاق المواطنين و تعريضهم للمعاناة ضرورة. الا يقال بان الحريات تقف عندما تعرض حريات الاخرين للضرر، حتى في مجال التجارة والاسعار يمكن ان نجد لهذا الشعار ترجمة وتمكين الدولة من ان توقف الشطط، شرط ان لا تكون اداراتها مشجعة عليه في الخفاء وبالفساد.