آخر الأخبار

أجزاء تضيء بعضها بعضا

جمال أماش 

وانا ازور هذا الصباح كشك يوسف بجيليز،تذكرت مجموعة من رواده المثقفين الراحلين،وكذلك الاحياء،عبدالحميد الحبابي،أحمد الخلاصة،أحمد طليمات،أحمد النظيفي،ابو يوسف طه،وآخرون. استحضرت كثيرا سي أحمد الخلاصة الذي كلما وجدته بالكشك،أتصفح الجديد من المجلات والجرائد، يسألني كثيرا وبإلحاح عن اتحاد كتاب المغرب محلياووطنيا.تذكرته لما جالسته مرة بورزازات،وحدثني عن مساره المهني والتعليمي ودوره الكبير في التأطير التربوي،وعن كتاباته الأدبية،وأخبرني عن مناظراته مع الأستاذ والمناضل عبدالله ابراهيم.كان سي أحمد الخلاصة مهموما بالقراءة و بالكتاب.اما سي أحمد طليمات الراحل الأخير في غفلة منا،فكانت لقاءاتي معه في جيليز،تمتد إلى أكثر من ساعة في الحديث حول الأدب والثقافة والسياسة،عن همومه ومشاريعه في الكتاب، بلطف واحترام قل نظيرهما في الكتاب. يخجلني بنظافة روحه وعمق افكاره،وبصفائه الوجودي،استمتع بحديثه وبنقاشاته المعرفية العالمة،واخباري باتحاد كتاب المغرب في الستينات والسبعينات،بوجه احمر وبروح عالية في الدعابة والاحترام التي قلت اليوم في عدد كبير ممن نعرفهم في المجالين الثقافي والسياسي.سي أحمد طليمات رفيق وفي للكتاب،ولمعاشرة الطبيعة والسفر ومحبة الناس،واحترام كل الكتاب من مختلف الاجيال،يحضر لكل اللقاءات،ويقول رأيه بكل تجرد.اما الأستاذ ابو يوسف طه اطال الله عمره،فهو ابن حومتي باب دكالة، جمعنا حب الأدب والكتابة والاشتغال في نفس المؤسسة.كان أستاذا استثنائيا ومختلفا،لا ينتهي درسه في القسم والمؤسسة ولكنه يمتد إلى الخارج أو في مقهى.حديثه عن الأدب والثقافة والسياسة أيضا حديث العارف والمجرب،والدقيق في آرائه وملاحظاته وفي كتاباته،التي اهداني بعضها.له ميزة يشترك فيها مع من استحضرهم اليوم،وهي أن الكتابة اضافة نوعية،فكرة جديدة،وإلا فالكتابة لا معنى لها. اما لقاءاتي مع الشاعر عبد الرفيع جواهري،فهي عبارة عن نوافذ مفتوحة،بروح مرحة،ونقد ساخر للأوضاع. فكانت لا زمن لها في المنزل أو المقهى أو في عشاء فاخر في حديث حول الثقافة والسياسة.كانت العلاقات بيننا أساسها الاحترام والتقدير.تمرير تجارب في الثقافة وفي الحياة،ط.هي رسائل تعلمنا منهم في مرافقة الكِتاب،وشغف القراءة،القبض على جمرة السؤال،وحرقة الوطن.
لا اكتب مذكرات أو سيرة،وإلا علي أن أذكر الكثير من مساحات الضوء التي تربيت عليها ،عبر صداقات وأخوة، مازلت احتفظ بها،وتعلمت منها الكثير،هناك اشخاص ساحتاج إلى صفحات كثيرة للحديث عن علاقتي معهم.تعلمت منهم أن اكون كما اكون،دون تملق أو رياء.وان ما نقرؤه يجد امتداده في علاقاتنا وفي مهنتنا، وفي ما نعيشه، في سلوكياتنا وتربيتنا التي تبقى.وهو ما نحاول تبليغه بطرق غير مباشرة إلى اقاربنا وأصدقائنا من الطلبة والأساتذة.هذه فقط بعض من أفكار وردت لدي هذا الصباح الماطر،حكيت بعضها إلى صديق عزيز وأديب اريب سي حميد منسوم،وانا التقيه بمكتبة شاطر.كان كل واحد منا يبحث عما يشكل اس مرجعياته في التفكير والكتابة وفي الحياة.لم أكتب سيرة أو مذكرات ،ولكنها فقط اجزاء تضيء بعضها بعضا.