ماجرى في بوليفيا انقلاب بكل تأكيد، وقد عبرت عن رايي فيما حدث ويحدث في هذا البلد الغني جدا بالموارد في تدوينتين سابقتين.
لكن سؤالا ظل يشغلني وتصدى له بشجاعة فكرية المناضل اليساري السعيدي : لماذا بقي موراليس متشبثا بالسلطة بعد ولايتين؟ وبغض النظر عن الدستور. الم يكرر مافعله بوتفليقة وغيره، الم يكن يتجه الى الحكم مدى الحياة. الم ير في نفسه انه الاوحد المؤهل لرئاسة هذا البلد من حزبه. هذه ثقافة موغابي ودي سانطوس وقبلهم ستالين وبرجنيف وماو وكاسترو وغيرهم من قادة الاحزاب اليسارية الذين تولوا الحكم وخلدوا فيه الى اخذتهم يد المنية او هدهم المرض.
ونفس الشئ يمكن قوله عن زعماء الاحزاب التي لم تحكم، وفي المغرب نماذج عديدة،
ثقافة الديمقراطية والتداول ظلت ضعيفة في الاحزاب اليسارية، وحين يتم القبول بالتداول تكون النتائج كارثية وتحدث الشروخ والانقسامات والعداوات ويكون المال سيئا. الاتحاد الاشتراكي مثلا يعاني من دخوله مرحلة التداول بعد وفاة زعيمه المرحوم عبدالرحيم بوعبيد وعياء شيوخ المكتب السياسي من ضمن اسباب اخرى.
واذكر ان من بين اسباب ازمة المنظمة بقاء القيادة متشبثة بوضعها الموروث عن التاسيس والسرية وايضا عن اقامة عدد من عناصرها بفرنسا وتفضيلها لمن ارتبطت بهم بعلاقات شخصية هناك، وكانت النتيجة ان تفجرت التناقضات والحساسيات داخل الدائرة المغلقة وانطلقت المزايدات والحشد دون ان يكون واضحا ما اذا كان هناك خلاف حقيقي يجعل الانشقاق امرا لامفر منه في منظمة كانت بصدد النمو.
الحمد لله انني لم اسع الى اي موقع في اي جهاز وطني او محلي او موازي خلال هذه التجربة، بل انني تغيبت عن مؤتمرات المنظمة باستثناء المؤتمر التاسيسي الذي تابعته من موقع الاعلام، حيث كنت مكلفا بتتبع صدور جريدة انوال تقنيا على الخصوص، وتحريريا بدرجة ثانية. بطبعي اتجنب المعارك التاكتكية، لانني ضعيف على هذا المستوى ولي حدود اخلاقية لااتجاوزها.
اليسار يجب ان يتعلم ثقافة الديمقراطية والتداول ويجب ان يتحرر من ثقافة المركزية، غير الديمقراطية في الغالب، والتراتبية والاقدمية وغيرها مما لايصلح لزمن مابعد الاتحاد السوفياتي، كما يجب ان يجدد فكره كي يكون قادرا على حضور وازن غذا في عالم يواجه فيه النظام الراسمالي تحديات غير مسبوقة.
ومن المثير ان التجديد الفكري الاهم يحدث اليوم في الولايات المتحدة.
محمد نجيب كومينة / الرباط