محمد الحبيب طالب
لابد وأن عنواني أعلاه، سيذكر بعنوان كتاب” عشرة أيام هزت العالم” عن الثورة الروسية في أيامها الفاصلة الأولى (1917). وهو تذكير لمن يعتقد واهما، أن الماضي قد مات، فقط، لأنه بات من الماضي. وهو لا يدري، أن ما يلهج به من حداثة ومعاصرة وليبرالية سياسية واقتصادية سطحية، ليست إلا تكرارا كاريكاتوريا لتجارب تاريخية ماضية، ما عاد لها نفس السياقات التاريخية في زمن العولمة النيوليبرالية. والأنكى من ذلك، أنها جُربت قبل النصف الأول من القرن العشرين في بعض البلدان العربية، و جربت في مرحلة السادات وما بعدها ، وانتهت إلى الفشل ، لحيثيات بنيوية وطبقية، انتقدها اليسار، وكانت في مجملها صحيحة ولا زالت . وقد لا يرى أيضا، أن ما يلهج به هي نفس الأيديولوجية الليبرالية التي تزعمت، بتحالفات خارجية مشبوهة، مشاهد ” الربيع العربي” ، بعد أن ضمر طابعها الوطني التحرري بأكثر مما كان عليه في التجارب الماضية، فما كان منها إلا أن أتت لأوطانها ودولها بالخراب والدمار. والبقية الناجية منها في بلدان أخرى، لا تزال تتخبط قي نفس الإشكالية التقليدية لليبرالية التخلف في زمن العولمة النيوليبرالية.
وبعبارة أخرى، إن العنوان أعلاه دعوة إلى التفكير المادي الملموس في الحاضر وتجاربنا فيه. وإلى الاجتهاد الحق في استشراف آفاقه العالمية والإقليمية والعربية، ومع الإدراك العميق بأن الأهداف الكبرى للتحرر الوطني القومي لا تموت، فقط، لخلل عابر في موازين القوى، ولا بالأحرى لهيمنة أيديولوجية نيوليبرالية قائمة.
وقديما قال ماركس، الإنسانية لا تطرح إلا الأسئلة القادرة على حلها. وهو يعلم، أن الإنسانية مند أن وجدت، وهي، تطرح أيضا أسئلة غير قادرة على حلها، منذ زمنها الخرافي و الأسطوري وإلى اليوم، في زمن التقنية والعلم. ومع ذلك، إذا ما وضعنا تاريخ التقدم الحضاري تحت الفحص المادي، فإن الإنسانية لا تستبقي من أجوبتها المختلفة على أسئلتها اللامتناهية، سوى ما كانت قادرة على حله، أي ما يحقق لها التقدم الفعلي. وهكذا، لكي لا نتوه في أسئلة مضللة وفارغة المحتوى، ينبغي لأسئلتنا نفسها أن تستوفي شروط التقدم، أي أن تكون أقرب إلى المعطيات الواقعية والتاريخية، ونابعة من الممارسات العينية. وقديما قالوا، أن السؤال نصف الجواب. ومقالتي في مجموعها تدور حول هذا المضمون وأسئلته :