في الجزائر، بعد أن نزلت على الرحب والسعة عند الفلسطينيين الذين أوصاهم عصام أبو دقة بي خيرا وتابع الى فلسطين المحتلة بعد أ ن أنهى دراسته بالرباط، بقي علي أن أعثر على امحمد طلال (مدير الدراسات بالمعهد العالي للإعلام والاتصال لاحقا)، المغربي الوحيد بالجزائر الذي أعرفه مذ كان مسؤولا بالشبيبة الاتحادية بالدار البيضاء قبل أن يرسله الحزب في بعثة للدراسة بالجزائر ويترك مكانه لعبد الرحمن العزوزي. ومن موقعه كطالب بالجزائر، وبمناسبة حضوره بعض مؤتمرات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، خاصة المؤتمر الثالث عشر، كان بعض الرفاق (الحسين كوار، مصطفى مسداد..)، حتى قبل تأسيس المنظمة، يطلبون منه القيام ببعض الاتصالات في الجزائر وفرنسا ويسعون من خلاله إلى معرفة ما يجري بالجزائر وتتبع ما يتسرب من ماجريات الصراع داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية هناك بين تياري الفقيه البصري من جهة وعبد السلام الجبلي ومحمد بنسعيد من جهة أخرى.
ستبدأ مع طلال سيرورة التعرف على الجزائر ومغاربة الجزائر ومسألة السكن والتسجيل في الكلية ووو..الخ. سأقطن بـ«دار الحزب» بحي القبة وأتعرف على «سي عبد الرحمن» (لحسن زغلول)، قيدوم اللاجئين والمحكوم عليه بالاعدام، وهو القيم على الدار وعلى مكتبتها وأدوات الطبع والاستنساخ العتيقة بها وسوى ذلك من مآثر المهدي بنبركة في الجزائر ومن أتى بعده من المناضلين الذين اعتنوا خصوصا بالمكتبة وتطويرها من أمثال محمد الحداوي، «ولد جامع الفنا»(عبد الله رشد) ومحمد الباهي… وكانت تلك التجهيزات، كما حُكي لي، هدية من ألمانيا الديمقراطية في إطار مشروع أكبر من ذلك جرى التذاكر بشأنه بين المهدي بنبركة والألمان الشرقيين.
كان عبد الواحد بلكبير قد سبقني إلى الجزائر بهدف الدراسة قبل أن يتدارك الموقف ويعود، سالما، إلى كلية الحقوق بالرباط.. لكن بعض آثاره اليسارية كانت ما تزال عالقة في بعض الأوساط الطلابية ولكن بطعم النكتة والتعاليق الساخرة على بعض مبالغاته المشهورة بخصوص تصاعد النضالات الطلابية وتلك المظاهرات «الضخمة» التي كانت تنطلق من كلية الحقوق ولا يفرقها البوليس إلا عند تخوم مقهى Chateaubriand..! ستتغير الصورة عن عبد الواحد بعد بضع سنين ويتغير التعامل مع «مبالغاته» في التردد على المعتقلات والسجون وستجد صوره مكانها على جدران كثير من البيوت الى جانب صور عدد من رموز ذلك الوقت. بل وينكب صحافي مثل حميد برادة على جمع المعلومات والتفاصيل الصغيرة عن عبد الواحد تأثيثا لموضوعه القادم في jeune afrique تماما كما كان يتصيد صحافيون آخرون المعلومات عن اعبابو أو أمقران مثلا، أو كما فعل برادة نفسه عندما كتب مقاله عن «الأنبياء الصغار» (شهداء 3 مارس).