فمن هو عليليش وما هو دوره في تأسيس جيش “عبيد البخاري”؟
لم يكتف السلطان إسماعيل بجيش نظامي للدولة، بل عمل على تأليف جيش خاص بالعبيد، وقد ساعده في ذلك كاتبه عمر بن قاسم المراكشي الشهير بعليليش، وكان والده كاتبا عند المنصور السعدي، وبقي في حوزته الكناش العبيدي الذي يضم أسماء العبيد الذين كانوا في خدمة جيوش السعديين، فأمره السلطان بتجميع ما يجده منهم ومن ذريتهم، فأصدر أمرا إلى عماله بتجميع العبيد وشرائهم من مختلف حواضر المغرب، مقابل عشرة مثاقيل للعبد، وكان مجموع ما اشتراه العمال حوالي ثلاثة آلاف، جمعهم عليليش في سنة واحدة، منهم المتزوج والأعزب ثم كتبهم في دفتر وبعث به إلى السلطان بمكناسة، فتصفحه السلطان وأعجبه ذلك فكتب إليه يأمره بشراء الإماء للعزاب منهم، ويدفع أثمان المماليك إلى ملاكهم، وبذلك تم جمع حوالي ثمانية آلاف أنزلها السلطان بمحلة مشرع الرملة بالقرب من مكناس، فدربهم وسلحهم، إضافة إلى ألفين جمعها محمد بن العياشي المكناسي كاتب المولى إسماعيل المكلف بتجميع العبيد من قبائل الغرب وبني حسن.
يقول الناصري في الاستقصا:
«… ثم ألزم السلطان قبائل تامسنا ودكالة أن يأتوا بعبيد المخزن الذين عندهم فلم يسعهم إلا الامتثال، فجمعوا كل عبد في بلادهم وزادوا بالشراء من عندهم، وأعطوهم الخيل والسلاح وكسوهم وبعثوا بهم إليه، فمن تامسنا ألفان، ومن دكالة ألفان، فألزمهم السلطان بوجه عروس من أحواز مكناسة إلى أن بنى قصبة آدخسان فأنزل عبيد دكالة بها وأنزل عبيد تامسنا بزاوية أهل الدلاء.»…
عمر بن قاسم “عليليش” وصفه أبرز علماء عصره كابن عجيبة ب “فقيه السوء”، فيما سماه الشيخ العالم “علي مصباح” ب “عدو الله”…
يذكر أن الباشا التهامي المزواري الڭلاوي لما قدم مراكش عقب وفاة أخيه الأكبر المدني، كانت قد تمت مبايعته على باشوية المدينة في درب “عليليش” الذي كانت توجد به دار الصدر الأعظم “المنبهي”، وذلك قبل أن يسكن حومة “أسول” بادئ الأمر، ثم بنيت له “دار الباشا” الشهيرة والتي ما زالت تحمل ذات الاسم إلى يوم الناس هذا…
في النهاية يشار إلى أن اسم “عليليش” في الدارجة المغربية القديمة هو تصغير لاسم “علوش” بمعنى الكبش أو الخروف، وما زال هذا المصطلح مستخدما بنفس المعنى في دولة تونس الخضراء إلى يومنا هذا.
-
مراد الناصري