آخر الأخبار

” أخبار الحمقى  و المغفلين” ، طبعة جديدة في الجزائر 

إدريس الأندلسي

 قبل قرون كتب أبو الفرج  ابن الجوزي ما حصل عليه من أخبار  و وقائع حصلت في زمانه  و كان أبطالها من اعتبرهم، حسب ما توصل إليه، حمقى  و مغفلين.  و امتنع لوقت طويل عن الكلام عن أخبار  الأذكياء لأن الشيء  يعرف بضده. و أورد إبن الجوزي عدة تعاريف للحمقى من بينها تعريف “إبن الأعرابي ” الذي قال أن ” الحماقة مأخوذة من حمقت السوق إذا كسدت، …فكانه كاسد العقل  و الرأي فلا يشاور أو يلتفت إليه في أمر حرب.”  و المقال هنا موجه لغير العقلاء  و ليس للاحرار  و الشعب الجزائري  و كل المؤمنين بحق الدول  و شعوبها في الدفاع  عن  وحدتها الترابية.  ولأن ابواق الكابرانات  و ما يشبه مؤسساتهم وصلت درجة الحمق،  وجبت طبعة جديدة لكتاب يقترب تأليفه من إتمام ألف عام مع محاولة تحيينه بمعطيات عن قيادات عسكرية أساسا  و مدنية تعيش حاليا في بلد المليون شهيد.

وشر البرية ما يضحك.  قال أحد فطاحلة “المؤرخين ”  الذين يظهرون على التلفزيون المريض  بتحقيق المغرب لوحدته ،أن الجزائر كانت أكبر داعم  و معترف بالجمهورية الفرنسية بعد قيام ثورتها قبل أكثر من ثلاثة قرون  و أن القوات الجزائرية هي من حمت فرنسا باسطولها البحري من عدوان بريطاني في نهاية القرن الثامن عشر. و كل هذا على قنوات الكابرانات  و يمكن فمشاهدته  و التفاعل معه بضحك مباح  و حتى هيستيري. و قد تقلب الجزائر موازين القوى حاليا  بالتدخل في أوكرانيا  مما  سيخيف  الحلف الأطلسي ليعترف باخطاءه إتجاه روسيا. ولأن الحمقى  و المغفلين يعيشون خارج الزمان  و المكان لأسباب متعددة ، فقد كانت قناة الشروق ملجأ  لهم  منذ انشاءها  و فتح حسابات البترول لتمويلها  هي  و قناة النهار التي  تفنن أحرار الجزائر في تغيير إسمها  و نعتوها بقناة “الحمار ” مع كامل التقدير للحمير الذين ساعدوا الإنسان في حمل الأثقال  و لم يتدخلوا أبدأ في شغل السياسيين الذين يقل ذكاؤهم،  لدى  الكابرانات، عن ذكاء الحمار. 

إذا كنت من الباحثين في مجال تحليل آليات البلادة  و حتى شيء غير قليل من الكذب الممتزج بالجهل فعليك من حين لآخر مشاهدة قناة الشروق التي كان من  المنطقي تسميتها بالغروب. هذا الأخير يرمز إلى فوات الأوان  و إلى التعلق بيوم يغيب  و ليل يزحف.  و الزحف هنا لا علاقة له بالسكون  و الطمأنينة  و لكن بزحف الجهل على العقول.  بلاتو تلفزيون يجمع حمقى  و مغفلين من الطراز الناذر في زمن العالم الرقمي  و ثورة المعلومات. قال أحدهم أن إسبانيا ستعتذر للجزائر  و أن الدول العربية ستعزل المغرب خلال القمة القادمة.   و السبب أن كفاءة الوزير لعمامرة تحولت إلى سحر يؤثر في كل الدول التي يزورها كل يوم.  قيل عن بعض ملوك المغرب أن عرشهم كان على صهوة جوادهم  و الآن  تقول موسوعة جينيس أن كرسي الطائرة هو فراش  و مكتب  و مطعم لعمامرة  و لكن بدون فائدة على قضايا بلاده. دبلوماسية الحمقى  و المغفلين نكثة في عالم يعيش على إيقاع التكنولوجيا  و الصناعة  وانتاج الغذاء  و تطوير الخدمات الصحية  و التعليمية.  الحمقى و المغفلين ضحية سحر سبب هلوسة خطيرة انستهم أن بلدهم الجزائر يحتاج شعبه إلى عيش كريم يوازي حجم خيراته  و مداخيل غازه  و بتروله. لن هؤلاء الحمقى و المغفلين لا يتكلمون عن الاوراس  و سكيكدة  و عنابة  تيزي اوزو  و تلمسان  ووهران، همهم صحراء بلد جار فطموا على تسميتها بالغربية و ذلك لربطها بغربهم لأن هؤلاء الحمقى و المغفلين قيل لهم أن الغرب يضم بحرا كبيرا كان يسمى بحر الظلمات  وأن الغرق فيه مستحيل. 

المهم هو أن الحمقى و المغفلين يصرون على صرف الملايير من الدولارات للوصول إلى موطىء قدم على شاطىء بحر الظلمات.  لا يهمهم أن يجوع شعبهم  و أن يحتاج إلى الزيت  و السكر  و الموز  و الأرز،  المهم هو تأكيد قوة ديبلوماسيتهم الحمقى  و المغفلة.  و المهم أيضآ بالنسبة لهم هو  أنهم ينعمون في جهالة  و يضعون أنفسهم في مقام من يزعزع التوازنات الدولية  و لو من خلال تكرار رحلات بالطائرة إلى كل بقاع الكون. لكن المهم بالنسبة لنا  هو أن نعاملهم بالحسنى  و بشيء من التجاهل  كما يفعل  العلماء  و العارفون و نتركهم على حالهم. المغرب سحب سفيرته باقتناع سياسي  و كان القرار صعبا  و مسؤولا  و لم ترجع السفيرة إلا بعد أن رجع الوضوح إلى الخطاب الرسمي الإسباني. الثباث على الموقف لا يعرفه الحمقى و المغفلون. يستدعون سفراءهم في فرنسا و  إسبانيا بدون سبب  وجيه  و يعلنون ذلك بطبول كبيرة الحجم  و الصدى ثم يرجع السفراء إلى سفاراتهم خلسة  و بدون بلاغ من الحمقى و المغفلين. وجب الدعاء أن يرفع بلاء أصاب جارنا الشرقي لكي تزول الغمة عن شعب ينتظر غدا أفضل  و مغربا كبيرا يشكل منطقة ازدهار  و تكامل بين الدول  و الشعوب دون اطماع  و مس  بالوحدة الوطنية لكل دولة و شعب.  رحم الله ابن الجوزي  و تجاوز عن سيئات حمقى  و مغفلي الجزائر إتجاه شعبهم  و جيرانهم  و إتجاه الأذكياء.