من خصائص اردوغان، حسب محللين اتراك، انه يتصرف اولا ثم يفكر ثانيا. الامور عنده بالمقلوب.
حين وجد نفسه يغرق في مستنقع ادلب في شمال سوريا ، حيث هب جيشه لانقاد المرتزقة الظلاميين من الهزيمة، وعرف ان دخول جيشه في حرب طويلة ضد الجيش السوري مدعوما من طرف روسيا وايران ستكون نتيجته كارثية بكل المقاييس بالنسبة لشخصه، الغارق في اوهام العظمة، ولبلده والشعب التركي، خصوصا وان امريكا والناتو لم يسايرا ه، عندئد بدا البحث عن مخارج سريعة بارتكاب خطيئتين: تحريك المهاجرين نحو حدود اليونان في اطار خطوة غير محسوبة اججت الغضب الاوروبي ضده وخدمت خصومه، والتوجه الى بوتين صاغرا للحصول على وقف لاطلاق النار، واهما مرة اخرى بان بوتين سيوافق على عودة الامور الى الوراء وتمكين الارهابيين من العودة الى سراقب والى التحكم في طرق استراتيجية، ولان بوتين عرف جيدا ان الرجل في ورطة، فقد استغل الفرصة لاهانته بشتى الطرق، واكثر مما اهانه وجعله يدخل الى الصف بعد تجرئه على اسقاط سوخوي روسية في وقت سابق.
خلال لقاء بوتين اردوغان، في موسكو، حدثت اشياء بعيدة عن البروتوكول ومقصودة: انتظار الرئيس التركي والوفد المرافق له، الذي ضم وزيري الخارجية والدفاع، لوقت غير قصير. القاعة التي ترمز الى الحرب الروسية العثمانية التي تجرعت خلالها الامبراطورية العثمانية اسوا هزائمها واعلنت بداية انفراط عقدها وتدهورها، وبقاء الوفد المرافق لاردوغان واقفا حين كان الرئيسان يتفاوضان. وعدا البروتوكول، كان الاتفاقق لصالح سوريا
كان الذكاء في مواجهة الغباء، وكانت الحسابات الاستراتيجية في مواجهة النزق واللاعقلانية.
خسارات اردوغان في المدة الاخيرة بالغة الضخامة وسيكون لها ما بعدها. فالرجل الذي انشق عن حزبه حزبان وابتعد عنه من كانوا اقرب الناس اليه ومن سهلوا وصوله للرئاسة كالرئيس السابق عبدالله غول والوزير الاول السابق ووزير الدفاع السابق وغيرهم يوجد اليوم في طريقه الى باب الخروج، وقد يكون هذا الباب ضيقا جدا في ظل احتمال فتح ملفات عائلته، وفي مقدمتهم ابنه المعروف بتجارته مع داعش، من طرف القضاء. اللي احرث اجمل دكو، هذا ما احسنه الاسلاميون وما جعلهم اليوم يتجهون نحو النهاية السياسية بعدما اساؤوا للدين الاسلامي اساءة غير مسبوقة في العصر الحديث.
محمد نجيب كومينة / الرباط