اذا ما ارسل اردوغان عسكره، ومعه كل ارهابيي النصرة – جيش الشام المندحرين في سوريا، الى ليبيا، فاننا سنكون بصدد تحول خطيرجدا في النصف الشمالي من افريقيا، من شانه ان يخلق حالة فوضى على المدى البعيد.
ذلك ان كل القوى الارهابية الناشطة في منطقة الساحل سندا لها عسكريا وماليا وسياسيا من تركيا وقطر والتنظيمات الاخوانية المرتبطة بهما في كل مكان.
اول خطر يمكن ان يترتب عن التدخل السافر لتركيا في ليبيا عسكريا يتمثل في انفجارحرب مصرية – تركية في الاراضي الليبية بلا وكالة، وهذا ما يريده اردوغان مند الاطاحة باخيه مرسي فيما يبدو ومعه قطر والطابور الخامس للاخوان المسلمين، ومن شان نشوب هذه الحرب ان تخرب ليبيا نهائيا وترجعها الى العصر الحجري وان تتطاير شظاياها الى البلدان المجاورة، بل وان تشعل حرائق يصعب اطفاؤها، خصوصا في تونس التي يعول فيها اردوغان على اخيه الغنوشي واتباعه. ليس هذا وحسب، بل ان قوى الارهاب، التي يراهن اردوغان على نقل عناصرها بعيدا عن حدود تركيا، ستستغلها فرصة للانتقال الى منطقة الساحل وتحويلها الى دار حرب وستعتمد على بوكو حرام والتنظيمات الارهابية المختلفة النشيطة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وغيرها.
لكن ماذا لو تبين ان قرار اردوغان هو اغبى قرار يتخذه في حياته، وان نتائجه العسكرية والاقتصادية والسياسية اكثر من كارثية بالنسبة لبلده. فالجغرافيا والمعطيات البشرية والثقافية وحتى العسكرية، وكذلك السياسية والديبلوماسية بالنظر الى احتمال تفكك العلاقة بينه وبين بوتين واصطدامه بقوى عظمى اخرى، ليست في صالحه، وتدخله ينزع من حكومة السراج الشرعيةالدولية التي اعطاها اياها اتفاق الصخيرات،حيث ستصبح حكومة عميلة لقوة اجنبية لاتخفي اطماعها في ليبيا.
ربما الوقت مناسب لتنسيق مغاربي في اطار اتحاد المغرب العربي لمواجهة خطر يتهدد ليبيا العضو ويتهدد جوارها والمنطقة برمتها. فالتضامن المغاربي مطلوب اليوم واكثر من اي وقت مضى، وقد يكون مؤثرا في مسار الاحداث بشكل يفوق التوقع اذا تمكن المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس من بلورة موقف مشترك واتخاذ مبادرة مشتركة ضد التدخل الاجنبي في الشان المغاربي واقناع كل الاطراف الليبية بالاستعاضة عن السلاح بلغة الحوار والحلول الوسطى التي يترتب عليها اطلاق مرحلة انتقالية لاعادة الاستقرار والتعايش ولاعادة بناء الدولة الليبية السيدة على كل ترابها الوطني الموحد.
الخطر قائم واردوغان متسرع ومتحمس، ويعول على المال القطري والاخوان المسلمين، ومالم يتم القيام بشئ في الوقت المناسب، فلا احد يمكنه توقع تطورات الاحداث في المستقبل القريب.
قرار اردوغان بارسال الجيش التركي الى ليبيا، لدعم الارهابيين الذين ينتقلون اليها، قرار استعماري اخرق تحركه العجرفة والحنين الى الامبراطورية العثمانية التي سقطت ومحاولة ارجاع التاريخ الى الوراء. الحديث عن الجالية التركية في ليبيا هو اسوا مبرر يمكن تقديمه.
محمد نجيب كومينة / الرباط