محمد نجيب كومينة
يقوم النظام الديمقراطي عندما تتوفر دولة مؤسسات من جهة و منظمات مدنية تمثل المجتمع باستقلالية من جهة اخرى. ذلك مايؤكده عدد من الباحثين المنتمين الى المدرسة المؤسساتية الجديدة، وعلى راسهم الحائز على نوبل للاقتصاد دوغلاس نورث وعالم الاقتصاد عاصم اوغلو و معهما جمهرة من علماء الاجتماع و السياسة … كسروا اسوار التخصص الضيق.
وعندما يغيب هذا التوازن بين دولة مؤسسات و منظمات مدنية مستقلة ممثلة للمجتمع، فاننا نكون بصدد صنف من اصناف الدولة الريعية السابقة على النظام الديمقراطي و امام مجتمع لم يلج بعد باب الحداثة بحرياتها المكفولة والمحترمة. وفي هذه الحالة نجد انفسنا امام تحالفات تقوم على اساس توزيع الريع من اجل سيطرة فئات متنفدة بالقوة على مجتمعات لاحول ولاقوة لها، والريع كاساس للنظامين السياسي والاقتصادي لايقع فقط على النقيض من النظام الديمقراطي، الذي يقوم على دولة المؤسسات، بل انه نقيض التنمية، وحتى النمو، وهذا ما اكده الفكر الاقتصادي الحديث مند كتاب ثروة الامم لادم سميث الذي جاء كرد على الفيزيوقراطيين الذين حصروا تلك الثروة في الارض.
النظام الريعي نظام فاسد ومعرقل للتنمية وللديمقراطية، و في بعض الحالات في زمننا هذا يتحول الى نظام مولد للمافيات و للممارسات الاجرامية، لذلك، فلا يمكن الانعتاق من اسر التخلف وتدارك التاخر التاريخي في اي بلد، وفي المغرب الذي يهمنا كمغاربة بالدرجة الاولى، و لا يمكن بناء ديمقراطية او صون الحريات وحماية حقوق الانسان او بناء الدولة الاجتماعية، باحترام لكرامة المواطنين، الا بقطيعة مع نظام الريع وليس بتكريسه وبالغلو في الارتباط به حد عدم ايلاء اي اعتبار للمواطنين. الريع، بطبيعة الحال، قائم و في المجتمعات التي قطعت مع الانظمة الريعية يصبح مندرجا في اطار المنافسة وليس النهب او الاستيلاء او الرشوة او تكوين التحالفات من اجل السيطرة على الثروة والسلطة.