إدريس الأندلسي
أبدأ القول كما قال شاعر مصري بعد إحدى النكسات ” و الله زمان يا سلاحي” . و كغيري ممن عاشوا أمجاد ألعاب القوى، أقول ” و ألله زمان يا أبطال بلادي”. نعم اشتقنا إليكم يا من رفعتم عاليا علم المملكة المغربية منذ عقود. قد يكون البعض منا عاش زخم الإهتمام بألعاب القوى خلال الستينات من القرن الماضي. و للذكرى وجب القول أن نادي ” ستاد ما روكان ” احتفل قبل شهور بالذكرى المئوية على انشاءه. و كثيرة هي النوادي و الفرق الرياضية التي عمرت طويلا في كثير من الألعاب الرياضية. و كثير هم الأبطال الذين صنعوا المجد في علياءه.
ولم يرفع العلم الوطني بالصدفة و لكنه رفعته هامات اقتنعت أن الإبداع الرياضي علم و كفاءات و إمكانيات و تأطير. حين تجتمع هذه العناصر تجد رعاية عليا و إمكانيات ضخمة. بعد البطل عبد السلام الراضي الذي سجل اسم المغرب بمداد فضي سنة 1960. و انتظرنا سنوات لكي تظهر نوال المتوكل و دموعها الذهبية رفقة ابتسامة عويطة العالمية في لوس أنجلوس. و كيف لا يتذكر المغاربة ذلك الإستقبال الملكي الشعبي في مركب محمد الخامس. و منذ ذلك الزمن بدأ الكلام عن المدرسة المغربية في ألعاب القوى و اطقمها التقنية من قادة إلى عزيز داودة و نتائج لعشرات من شابات و شباب المغرب ابرزهم الكروج و بيدوان. و من بينهم كثيرون حملوا الذهب على صدورهم و اهدوه للوطن و للملك.
كان الراحل الحسن الثاني فخورا بإنجازات الدبلوماسية الرياضية و فاق علمه علم المختصين في هذا المجال. نصح الفريق الوطني لألعاب القوى، حسب ما سمعت من صديق مختص، باستعمال الحناء لمقاومتها للضغط على صحة الأقدام في المناطق المتواجدة في الاعالي الأمريكية. و كانت نصيحته ذات أثر على النتائج. أتذكر وصول هشام الكروج و نزهة بيدوان بإصرار إلى المركز الوطني لألعاب القوى. و كيف صبروا و ثابروا للوصول إلى القمة. و كما قال لي الصديق المختص، كان لإصرار هذين البطلين العالميين أثر كبير على وضع الثقة فيهما و في غيرهم. قال لي أحد الصحافيين الكبار و الكتومين أنه ” كلف ” بمرافقة أحد أبطال المسافات الطويلة الذي كان يجب دعمه نفسيا و رياضيا إلى بطولة العالم بإسبانيا و كيف لعب خبير مغربي ضد خطة بعض السماسرة و غير خطة السباق لكي يحصل هذا البطل المغربي على الميدالية الذهبية. المهم أن عشرات الميداليات و البطلات و الأبطال كانوا ضمن منظومة عمل تأطيري قوي و ناجع. و بعد سنوات عجاف ظهر إسم البطل البقالي الذي ينجز و يحوز على الميداليات و ترتسم على وجهه علامات حزن على ضعف نتائج بلاده في ألعاب كان إسم المغرب يذكر فيها بكثير من التقدير.
لماذا حصلت نكسة في نتائج ألعاب القوى ببلادنا ؟ الجواب بسيط لا يتعلق بالوسائل و لكن بالتدبير و التخطيط و التأطير. لا يكفي أن تكون على رأس مؤسسة اقتصادية كبيرة و لا يكفي أن تجمع الأصوات بالسبل المتاحة لكي تحقق الأهداف و النتائج. قد تكون النية صالحة و الرغبة جامحة و تغيب النتائج لأن التخطيط غائب و التأطير مفقود كما فقدت النتائج. أتذكر حسب ما وصل إلى علمي، أن المركز الوطني كان مدرسة يتم التصرف فيها بعقلية تدبير رب الأسرة الطيب. هذا الرجل و فريقه كان يتعامل مع الموارد المالية بكثير من الدقة و التعفف و الفعالية. من التغذية إلى المبيت و برمجة التداريب و الدروس النظرية، كان المركز الوطني مؤسسة في مجال الديبلوماسية الرياضية.
اليوم وجب الإعتراف بضعف النتائج و على مدبري هذا المجال تقديم الحساب و تبرير ضعف النتائج بطريقة مقنعة. إذا تعلق الأمر بالتمويل او التأطير أو البنيات أو ضعف متابعة المواهب عي مدى جغرافية الوطن، فليقل المسؤول الحقيقية. و تظل الحقيقة الوحيدة التي نقرؤها و تزف إلينا عبر ملتقيات العصبة الماسية و الألعاب الأولمبية و القارية و بطولة العالم هي غياب وهج النتائج . و سنكتفي بإنجاز بطل كون نفسه بنفسه و يريد أن يكون أبناء وطنه في مستوى يشرفون فيه البلاد و يرفعون علمها. و لكل ما سبق نرجو أن يرحل عن التسيير من له الشجاعة على مخاطبة نفسه اللوامة.