قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن الأمراء السعوديين باتوا يبيعون بيوتهم ويخوتهم ومجموعاتهم الفنية بعدما قطع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عنهم الامتيازات المالية.
وتقول في تقرير أعده ستيفن كالين إن الأمراء البارزين يحاولون زيادة أموالهم من أجل تجنب الرقابة من محمد بن سلمان. وقالت إن الأمراء السعوديين باعوا عدد من العقارات واليخوت والأعمال الفنية في الولايات المتحدة وبريطانيا وأماكن أخرى بقيمة 600 مليون دولار ومنذ أن قام الحاكم الفعلي للسعودية بتشديد القيود على المحافظ المالية للعائلة المالكة شديدة الثراء. وتضيف الصحيفة أن المبيعات تمثل تغيرا في الوضع والحظ للأمراء البارزين الذين استخدموا موارد الطفرة النفطية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وحولوها إلى الأسواق المتميزة في العالم.
وتم إنفاق أكبر كمية من الأموال في أصول يصعب بيعها أو استنزافها والتي وصلت أحيانا إلى 30 مليون في الشهر لبعض الأمراء الذين لديهم حاشية كبيرة وموظفين وحياة فارهة بحيث جعلهم عرضة للتغيرات في السياسة الحكومية الأخيرة. واليوم يقوم بعض أعضاء العائلة المالكة ببيع الأصول في الخارج من أجل الحصول على المال بعدما جفف ولي العهد الكثير من مصادر المال التي استخدموها لمواصلة عادة الإنفاق المفرط، وذلك حسب بعض الأشخاص المقربين من الأمراء الذين قاموا بالبيع. فهم بحاجة إلى المال النقدي لدفع الفواتير العادية، بما في ذلك صيانة العقارات ودفع الضريبة ورواتب الموظفين ورسوم مواقف طائراتهم وقواربهم. وفي بعض الأحيان، فإن الكثيرين منهم يحاول تجنب الظهور بمظهر البذخ حتى لا يلفتوا نظر الأمير محمد بن سلمان الذي حد من الامتيازات والتسهيلات لعائلة آل سعود في ميزانية الدولة، ومنذ تولي والده العرش عام 2015.
وتقول الصحيفة إن الحكومة السعودية تعرف بعمليات البيع. وقال شخص على معرفة بالمبيعات “هؤلاء الناس لا يعملون ولديهم طواقم كبيرة وهم خائفون من الأمير محمد” ويريد الأمراء “المال في جيوبهم الخلفية وليس الثروة الظاهرة”. ومن بين الأصول التي بيعت في الفترة الماضية عقار ريفي بريطاني بقيمة 155 مليون دولارا ويختان يزيد طولهما عن 200 قدم، ومجوهرة تعود إلى زمن المغول قدمها الملك السابق هدية في حفلة زفاف. وتضم قائمة الأمراء الذين باعوا، السفير السعودي السابق في واشنطن، الأمير بندر بن سلطان، الذي كان مرة من أقوى أمراء العائلة المالكة. ويقول مؤرخ السعودية روبرت لاسي “من الواضح أنهم ضبطوا وفرض عليهم نظاما واضحا ويجب عليهم التعايش مع الوضع“. وقال إن ولي العهد “موجود لفترة طويلة ويعيد تشكيل الأمور لمدى أبعد”.
وقال ممثل للأمير بندر إنه باع كل أصوله في الخارج “لأنه رأى منافع كبيرة للاستثمار في المملكة وبالجهد المثير للإعجاب الذي يقوم به ولي العهد بخلق فرص استثمارات”. وقام محمد بن سلمان بتهميش عدد من الأمراء الذين رأى أنهم منافسون له، بمن فيهم عمه وابن عم أكبر منه سجنهم عام 2020، وحد من المعونات التي يحصل عليها آلاف من أفراد العائلة، بما في ذلك الإجازات المدفوعة في الخارج وفواتير الكهرباء الماء في قصورهم. وبلغت الامتيازات هذه إلى مئات الملايين من الدولارات من النفقات الحكومية السنوية. وراكم كبار الأمراء مليارات الدولارات سنويا من خلال النفط والعقارات والعقود التجارية التي تشرك الحكومة بها والتي قام ولي العهد بقطعها. وتقوم الحكومة بالضغط على أفراد العائلة المالكة بطرق أخرى، حيث ستعلن عن ضريبة 2.500 عن كل عاملة خدمة منزلية بعد الموظف الرابع مما سيكلف بعض الأمراء مئات الألاف من الدولارات.
وأشارت البرقيات الدبلوماسية الأمريكية من تسعينات القرن الماضي وسربتها ويكيليكس أن بعض الأمراء كانوا يحصلون على الثروة من خلال أخذ قروض من البنوك المحلية بدون دفعها، والسيطرة على الأراضي المشاع واستغلال تأشيرات العمالة الوافدة والتربح منها. وقال أشخاص على اطلاع بالأمر، إن الأمراء ظلوا يستخدمون طرق التمويل هذه حتى وصول الأمير محمد إلى السلطة. لكن نظام الرواتب لآلاف من الأمراء الذي وصفته البرقيات الدبلوماسية الأمريكية بأنه يكلف الحكومة مليارات الدولارات سنويا، ساري المفعول. وقام عدد من الأمراء بتكييف أسلوب معيشتهم بسبب التحولات في الاقتصاد العالمي والتغيرات داخل السعودية “وأغلقوا الصنبور” حسب هذا الشخص. وقال آخر “كانوا يعيشون معايير حياة خارج التوقعات” و “النفقات خارج هذا العالم ولكنهم أحتاجوا وقتا للتكيف”. ولم ترد وزارة المالية على أسئلة حول رواتب الأمراء. وهناك بعض السعوديين الذين جمدت أصولهم واعتقلوا لفترة قصيرة في فندق ريتز عام 2017، فيما اعتبره المحللون أنه محاولة لتقوية وضع الأمير محمد ووصفت في حينه بأنها مكافحة للفساد. وأفرج عن بعضهم بعد ترتيبات اقتضت تخليهم عن جزء من ثرواتهم. ولم تتوقف عملية اعتقال الرموز المهمة حسب هيئة مكافحة الفساد. وكان من بين المعتقلين في فندق ريتز، الأمير الراحل تركي بن ناصر، القائد السابق في سلاح الجو وهو واحد من مسؤولين سعوديين حققت فيهم هيئة بريطانية بتلقيهم رشاوى من بي إي إي لصناعة أنظمة السلاح مقابل الحصول على عقود مربحة لتزويد السعودية بمقاتلات ومعدات أخرى، فيما أصبحت تعرف بصفقة اليمامة في الثمانينات من القرن الماضي. ولم يعد للأمراء السعوديين أي منفذ على هذه العقود في ظل محمد بن سلمان، ولم يتم التوصل لممثل عن تركة الأمير تركي، كما ولم يرد شقيقه على أسئلة حول التحقيق البريطاني. وباع الأمير تركي يخته وطوله 203 قدما عام 2020 وباع بيته في بيفرلي هيلز بلوس انجليس بـ 28.5 مليون عام 2021. ومات قبل إكمال صفقة بيع البيت. ولم يتمكن الصحافي التوصل إلى عائلته للتعليق. ولم يتم معرفة شروط الإفراج عنه من ريتز، وقدرت ثروته سابقا بـ 3 مليار دولار، حسب مسؤول سعودي. وهناك أمراء باعوا أصولهم لكنهم لم يعتقلوا مثل الأمير بندر الذي باع في عام 2021 بيتا ريفيا غرب لندن بـ 155 مليون دولار. وكان مرة في مركز السلطة ويعمل إثنان من أبنائه سفيرين في لندن وواشنطن. وأوقفت الحكومة البريطانية عام 2007 تحقيقاتها في أنه أثرى نفسه من صفقة اليمامة. ونفى الأمير بندر المبالغ التي تلقاها كعمولات سرية. وبندر هو ابن وزير الدفاع السابق الأمير سلطان، وكان فرع عائلته من بين الفروع التي تراجعت مصادرها في ظل محمد بن سلمان. وكان الأمير تركي صهر الأمير سلطان. وبنى سلطان ثروته من خلال المنفذ على الحكومة باعتباره وزيرا للدفاع مدة نصف قرن تقريبا. وكشفت بيانات مصرفية اطلعت عليها الصحيفة أنه حول في عام عشرات الملايين من الدولارات إلى حسابات وكيلة في سويسرا و “توقف هذا 100%” كما يقول شخص. وباع ورثة الأمير سلطان قصرا في نايتسبريج في لندن بـ 290 مليون دولارا عام 2020. وباع الأمير خالد بن سلطان، الذي قاد قوات التحالف إلى جانب نورمان شوارتكوف في حرب الخليج عام 1991 قصره في باريس بجانب برج إيفيل بـ 87 مليون دولار عام 2020 ويخت طوله طوله 220 قدما عام 2019. وهناك من يحاول منهم رهن أصوله لتعويض نقص الدخل من المصادر التقليدية، ويقول غاري هيرشمان، المتخصص في بيع العقارات الخاصة في بيوتشامب إيستيتس والذي شارك في عقود بيع لعائلة سلطان أن سبب الإقبال الجديد على بيع الأصول لأنهم لا يهتمون بالعقارات الضخمة مثل أبائهم وهم يفضلون أن يكون المال بأيديهم لإنفاقه. و “يريد مظاهر أقل، هذه هب الموضة” مشيرا لشراء بعضهم بيوتا أصغر.