إدريس الأندلسي
الكلام على أولاد الفشوش، أي من يولدون و في افواههم ملاعق من ذهب ، لم يعد للمجتمع قدرة على تحملهم و التستر على أفعالهم المشينة و الحاطة بكرامة من يقع ضحية لأفعالهم. أعرف شخصيا آثار أولاد الفشوش على البيئة و على ظروف ساكنة الكثير من أحياء العاصمة. حين أقصد، مشيا على الأرجل، حيا من أحياء عاصمة الأنوار، اتفاجىء بسلوكيات على الطريق لا يمكن إلا أن نصفها بالإجرامية. سبق لي أن إتصلت بالشرطة بعد منتصف الليل لأطلب منهم الانتقال إلى شارع المهدي بن بركة للحد من مغامرات ” أولاد الفشوش” و تهورهم و ازعاجهم للساكنة عبر رفضهم لأي قاعدة تحث على إحترام قانون السير. و تستمر الحال على ماهي عليه.
بالأمس قضى شاب نحبه بفعل تهور ” أولاد الفشوش” . كان هذا الشاب على وشك الدخول إلى فضاء البحث العلمي المفضي، بعد جهد كبير، و الحصول على الدكتوراه. و لكن المسكونين بقوة فرض قوتهم خارج القانون كان لهم رأي آخر. قرروا إصدار و تنفيذ حكم بالإعدام لمجرد تبادل كلام عابر بين شبان في منطقة بالدار البيضاء تعج بالحركة ليلا. ما آثار سخطي و غضبي هو ما صرح به أحد مرافقي الطالب القتيل حين توجه إليه أحد المشاركين المفترضين في قتل المواطن المغربي الشاب بدر” هل تعرفون من نحن؟” . المشكلة عميقة و تبين أن تربية ” أولاد الفشوش” توصلهم إلى مرتبة ضحايا منظومة متعددة الجوانب و لها علاقة بمواقع الآباء و الأمهات في القرب من السلطة، مع ما يلتصق بها من اغتناء و تحصين ضد القانون. و القاتل للشاب بدر ليس ممن يخفون عدوانيتهم حسب ما ورد في اخبار في الصحافة. له سوابق مع إستعمال سياراته الفارهة لفرض قوته . و لهذا طلب اب أحد ضحاياه من الوكيل العام إعادة فتح ملف يرجع إلى 2017. و قيل أن السلطات القضائية قد استجابت لهذا الطلب.
ليس بالصعب أن تتعرض للشتم و التهديد و أنت تحاول المرور في الأماكن التي تعطي الأولوية للراجلين في كل مدننا و حتى في العاصمة الرباط. هناك استثناءات في مدن الشمال التي فرض ساكنوها الحق المقدس لأولوية الراجلين على السيارات في الحيز المخصص لهم على الطريق. الأمر خطير و يتطلب الكثير من الحذر. أولاد ” الفشوش ” يقودون أيضا دراجات نارية تفوق سرعتها 200 كلم و لا يقفون أمام الحواجز الأمنية و لا يعيرون أي إهتمام للقانون. يتعرض بعضهم لحوادث مميتة و يتسرب الحزن لأسرهم و يدفنون بعد مراسيم و يتركون الأسى و الحزن بعد رحيلهم. سياراتهم فارهة و قيمتها السوقية تقدر بعشرات الملايين و رئيس العائلة ليس بوريث لثروة و لا بمسير لثروة و لكن مجرد كائن انتخابي أو مسؤول إداري في جماعة أو عمالة أو إقليم أو وكالة حضرية أو جهة من الجهات أو وزارة.
لقد حان الوقت للقيام بحملات أمنية تحرم الاستهتار بقانون السير و تشدد المراقبة على السيارات و الدراجات النارية التي تدخل الرعب في حياة المواطنين. هناك الكثير من الكتابات الصحافية التي تتابع ظاهرة التسيب التي يتسبب فيها ” أولاد الفشوش ” و لكن لا حياة لمن تنادي. هل سننتظر الوصول إلى تسجيل عدد كبير للضحايا لكي تتحرك آليات القمع المشروع؟. السلطات الأمنية تحتاج إلى وسائل تكنولوجية لضبط الأفعال الاجرامية في الشارع العام. كفى من ارهاقها في غياب كاميرات مراقبة بالآلاف في كافة مدن الوطن. يجب أن تصبح المراقبة الإلكترونية وسيلة لمراقبة السلوكات الاجرامية على طرقنا. استغربت كثيرا لقوانين في المغرب تحرم وضع كاميرا مراقبة في سيارته. كيف يمكن لسائق منضبط أن لا يستعمل كاميرا تحميه من ضبط تهور الآخرين. هذا غير مبرر و عامل لا يحمي من يحترم قانون السير. الكاميرا الأمامية في السيارات يمكن أن تحمل الدليل على المتسببين في الحوادث، و حتى على الابتزاز الذي يتعرض له المواطنون من طرف أشخاص يلقون بأنفسهم أمام السيارات و بعدها يتدخل من معهم للمساومة.
لا أحد فوق القانون و لا يمكن لأي قانون أن يسمو فوق الدستور الذي يضع حماية المواطن و إنصافه ضمن المبادىء الدستورية التي لا تقبل أي نقاش. أؤمن بقيم المواطنة و أصدق أنني أعيش في دولة الحق و القانون. اطمح أن يصل بلدي إلى أعلى المراتب اجتماعيا و سياسيا و اقتصاديا. و لكن الدولة الديمقراطية يجب أن تكون هي الضامن لحقوق الجميع ضد كل سلوك إجرامي و عنصري يهدد سلامة المواطن و يحمي حقه في الحياة. رحم ألله الطالب المغربي، إبن عائلة بسيطة لا تنتظر، رغم آلامها، سوى الإنصاف و عدم الافلات من العقاب. لقد فتح ملك بلادنا ورشا كبيرا قبل سنين و سماه ” بالإنصاف و المصالحة ” و لكن بعض الرافضين للإنصاف لا زالوا يحاربون كل خطوة نحو دولة الحق و القانون. و يجدون بعض المسؤولين مستعدين لحمايتهم عبر تلقي الرشاوي. بلاد الحق و القانون هي بلاد الحزم و الضرب بيد من حديد على كل مسؤول يشوه صورة المغرب و يظلم المواطنين بإسم المؤسسات.