سعيد عفلفل
القاضي عياض
يعد القاضي عياض أحد أعلام الفكر و الفقه في المغرب و في العالم الإسلامي. كلما ذكر القاضي عياض إلا و حضرت المقولة الشهيرة : ” لولا عياض لما عرف المغرب”.
خصه الشاعر عبد القادر بوخريص بقصيدة يمدح فيها علمه الغزير و ورعه و تقواه. يقول بوخريص في حربة القصيدة :
” ضيف الله لله يا الشيخ القاضي عياض *** صارخني و كرمني و جود لي بالسر و القبول و الرضى.”
تنتاب المريد و الزائر لحرم القاضي عياض حالة من الفرح و الهناء. إذ ترتاح النفس المتعبة و تهنى. و يغمر الزائر إحساس بالسعادة و الإنفراج و الإطمئنان بشأن الأوقات العصبية. و بهذا نكون هنا أمام حالة نفسية تحتاج إلى تجربة علاجية روحية لكي تزول و تمحي الغمة و الكدر.
إن حضور القاضي عياض لدى المغاربة هو حضور العالم المتبحر و الفقيه الغزير العلم و الورع التقي و القاضي العادل النزيه. ما الذي جعل المغاربة يرفعون قدر القاضي عياض و مقامه جعله يحضى بسمعة طيبة في الداخل و الخارج؟
ولد أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو السبتي اليحصبي في مدينة سبتة عام 476 هجرية الموافق لعام 1083 ميلادية. ترجع أصوله إلى قبيلة حِمْيَر في اليمن. كانت مدينة سبتة وقتئد قبلة للعلماء من مختلف البلدان الإسلامية و كانت مركزا عامرا من مراكز العلم. الفكر. تلقى تعليمه على يد ثلة من الفقهاء أمثال عبدالله بن سهل الذي تلقى على يده علم القراءات، كما درس الفقه و أصول الدين على يد العلامة عبد الله بن محمد اللخمي، وعلم الكلام على يد عبد الغالب بن يوسف السالمي. انتقل بعدها إلى الأندلس لاستكمال تعليمه في كل من قرطبة و مورسية. هناك تتلمذ على يد علماء أجلا ء من بينهم ابن عتاب و ابن حمدين و أبو علي الجياني. رحل إلى المشرق طالبا المزيد من العلم. بعد إجازته عاد عياض إلى مدينة سبتة غزير العلم كثير المعارف و المدارك. أصبح قاضيا وهو في سن الخامسة و الثلاثين إذ أصبح قاضي سبتة ثم غرناطة فذاع صيته. طيلة امتهانه للقضاء ظل عياض محط تقدير و إجلال من الجميع. بالموازاة مع القضاء نبغ عياض في علم الحديث و كان صارما متشددا في متن الحديث و لفظه و تأويله و روايته. وقد ألف في شرح الحديث ثلاثة كتب هي : ” مشارق الأنوار على صحاح الآثار.” و ” إكمال المعلم” شرح فيه صحيح مسلم و الكتاب الثالث هو “بغية الرائد لما في حديث أم زرع من الفوائد.” وله كتاب عظيم في علم الحديث هو “الإلماع في ضبط الرواية و تقييد السماع.”
ولعل أبرز مؤلفاته هو كتاب ” الشفا بتعريف حقوق المصطفى “. وهو من أحسن ما كتب في التعريف بالنبي عليه الصلاة والسلام. وقد قسمه المؤلف إلى أربعة أقسام : الأول في تعظيم قدر النبي قولا وفعلا، والثاني فيما يجب على العباد من حقوقه عليه و القسم الثالث فيما يستحيل في حقه و ما يجوز، وما يمتنع، وما يصح، والرابع في تصرف وجوه الأحكام على من تَنَقَّصَه أو سبه.
كانت وفاة القاضي عياض في مراكش عام 544 ه / 1151 م و دفن في حومة هيلانة (باب ايلان). تقول المصادر ان القاضي عياض قتل و أن سبب مقتله هو رفضه الاعتراف بأن ابن تومرت هو المهدي المنتظر.
قصيدة القاضي عياض:
اللازمة
ضِيـفْ اللهْ للهْ يٓـا الشيـخْ الْقاضي عٓـياضْ
صارٓخْـني وٓكْـرٓمْـني اوْجودْ لي بٓالسّـرْ اوْ الٓقْـبولْ وٓ الرْضٓى
القسم الاول
قٓـلْـبي امْـريضْ فاني وٓآنْـت راقي اطْـبيـبْ
نٓـبْـغي اتْـجودْ لي بٓـدْوايا وٓتْـعيـنْ
ما انْـرا هٓـمْ اوْلٓا تٓـمْـحيـنْ * مٓـنْ ابْـرٓكْـتٓـكْ نٓـزْهٓى فٓالْحيـنْ
وٓنْـحوزْ اكْـمالْ الْفٓـرْحْ وٓ الْهْـنٓى وٓسْـرورْ اوْسٓـلْوانْ
يٓـعْـبٓـقْ طيـبْ ارْياضي افْـساعْـتُ بٓآسْـرارْ الْبُـرْهانْ
وّٓنْـشاهٓـدْ ما ناوي افْـخاطْـري يٓـتْـنٓـوّٓرْ الٓخْـبيـرْ وٓ الْعْـضٓا
ضِيفْ اللهْ للهْ يا الشيخْ الْقاضي عٓياضْ
صارٓخْني وٓكْرٓمْني اوْجودْ لي بٓالسّرْ اوْ الٓقْبولْ وٓ الرْضٓى
القسم الثاني
نٓدْريكْ بٓـرْ ماجٓدْ عالٓمْ تاقي انْجيبْ
مٓشْهورْ بآلْوْفٓا وٓ اوْلٓايٓة وٓفْنونْ
وٓ الْحْيا وٓالْطافٓة وٓسْكونْ * وٓ الدْوٓى وٓ الْفٓعْلْ الْمٓحْسونْ
وٓ الرّٓفْعٓة وٓ التّفْضيلْ وٓ الْعْنايٓا في كلْ اوْطانْ
تٓهْتٓفْ بٓـثْـناكْ الْسونْ عارْفا شٓـيّابْ اوْ شُـبّانْ
خُـبْـرٓكْ فٓالشّرْقْ اوْ غٓرْبْ وٓ السْحاري ما بينْ آهْلٓ الْمْواعْضا
القسم الثالث
رٓبي اعْطاكْ سٓرُو مٓنْ مٓدْحٓكْ ما ايْخيبْ
وٓآنٓا جيتْ لكْ مادٓحْ بٓـتّٓبْيِينْ
بٓالصْدٓقْ وٓمْحٓبٓة وٓ ايْقينْ * مٓنْ اصْميمْ اخْبيري الٓحْزينْ
وٓقْصدْتٓكْ وٓ اطْلٓبْتٓكْ بٓالصْفا تٓسْقيني كيسانْ
مٓنْ راحٓكْ يا ليثْ الْفْحولْ يٓمْسا حالي شرْهانْ
وٓنْـفايٓشْ بيكْ اعْلٓى الرْجالْ جٓمْلٓا ما بينْ آهْلٓ الْمْفاضْلٓا
القسم الرابع
للهْ شوفْ مٓنْ حالي يا عٓزْ الْغْريبْ
وٓسْقِي اجْوارْحي نٓضْفٓرْ بٓالْمٓضْنونْ
وٓالْمْنٓا وٓ الْفٓرْحْ المٓضْمونْ * وٓالْهْنٓا وٓالْعٓزْ الْمٓصْيونْ
وٓتْسْعٓدْني لٓيّامْ بالزْهو وٓ الصّاعٓبْ يٓهْوانْ
وٓنْشاهٓدْ سٓرّٓكْ بٓالْعْيانْ وٓنْسودْ اعْلٓى عٓدْياني
نٓفْسي وٓالشيطانْ آللْعينْ خادٓعْ مٓنْ صورو اعْلٓى الْفْضٓا
القسم الخامس
شٓفّعْتْ ليكْ بٓالنّبِي الْعٓرْبي الْحْبيبْ
طٓهٓ الشْفيعْ الٓمْشٓفّٓعْ زينْ الزينْ
صاحْبْ الْخاتٓمْ وٓ الموبينْ * مٓنْ اسْرٓا لٓمْقامْ التّمْكينْ
وٓصْحابُ وٓنْصارو اوْ ءٓالْ بيتُ في كُلْ اوْطانْ
وٓ الصلّاحْ اوْ لٓقْطابْ وٓ الْجْراسْ ابْدورْ الديجانْ
هٓلْ مراكشْ الٓفْحولْ مٓنْهُمْ سٓبْعٓتُ رِجالْ حافْضا
القسم السادس
شٓفّعْتْ ليكْ بٓامْشايٓخْ سوسْ آهْلْ النْصيبْ
وٓ ارْجالْ الْيْغارا مٓنْ جونْ الْجونْ
فٓالدْشورْ البّادي وٓ امْدونْ * وٓ الْمْكٓرّٓمْ سيدي ميمونْ
وٓبْجابْرْ الْمْغٓرّبْ اوْبوعْمٓرْ وٓمْثالُ الٓعْيانْ
وٓبْمولٓى تامٓصْلُوحْتْ الشْريفْ اوْجارو سٓلْطانْ
مولاي ابْراهيمْ ادْكي ابْنٓ احْمٓدْ وٓ اهْلٓ الْحٓكْمٓة الفٓايْضا
القسم السابع
نٓهّيتْ حلْتي يا راوي طرْزي اعْجيبْ
وٓسْلٓامْ رٓبْنا لٓجْميعْ الِّي سامْعينْ
وٓالْحْيا وٓ العٓفا وٓ اللينْ * بالعْطٓرْ وٓمْسوكْ الْبٓرّينْ
واسْمي عٓبْد القادر بوخريص رايقْ الٓدْهانْ
طالبْ راغٓبْ اللهْ الْعْفو وٓكْمالْ الْغفْرانْ
يٓرْحٓمْني بٓرْحٓمْتُ اوْلا ايْحافيني بٓحْسانُ افْما اقْضا
تمت