محمد نجيب كومينة
اكتشف المتحور. الجديد اوميكرون بجنوب افريقيا حيث يتعثر التلقيح، بحيث لم يتعد عدد الملقحين 25% من ساكنة هذا البلد الغني مقارنة ببلدان القارة السمراء، و ليس معروفا ما اذا كان منشا المتحور هو هذا البلد او غيره، لكن ما يستفاد مما سبق ان عددا من بلدان افريقيا لم يلقح الا 5% من الساكنة، لانها بلدان فقيرة ولا تملك وسائل كافية ليس للحصول على اللقاحات، بل وايضا لتتبع تطور الفيروس والتكفل بالمصابين به، ويعني ان احتمال تحور الفيروس هناك وارد جدا، وان متحورات اخرى قد يتاتى لها الانتقال والانتشار، لانه بات مستحيلا منع تحرك وانتقال الاشخاص بشكل شرعي او سري، رغم الاجراءات اللاانسانية و الهمجية احيانا التي تتخذها بعض بلدان اوروبا المهووسة بالهجرة، رغم حاجتها الماسة اليها فعليا لمواجهة الشيخوخة والتراجع السكاني ونقص اليد العاملة في العديد من القطاعات.
وبناء عليه، فان خطر توالي المتحورات له ارتباط وثيق بالانانية القصوى والنزعة الراسمالية اللتان ميزتا السلوك الغربي خصوصا، و سلوك بعض البلدان الصاعدة التي سارت على نفس النهج، بحيث تشير بعض المصادر الى ان الدول المتقدمة خزنت ما يناهز 100 مليون لقاح، سينتهي تاريخ صلاحيتها في متم الشهر الجاري وسترمى في الازبال او تحرق، بينما تركت البلدان الفقيرة في انتظار كوفاكس التي تمد باعداد محدودة من اللقاحات على دفعات.
الراسمالية العالمية تحكم على الفقراء بالحرمان، كما تحكم عليهم الراسماليات الوطنية، وتمضي بعيدا حتى في فترة وباء بحجم كورونا دون ان تتخلى عن شئ من طبيعتها وميلها الى تركيز الميز في كل شئ، ورغم خطابات فضفاضة وفاقدة للمصداقية نسمعها هذه الايام، فان شيئا لن يتغير بشكل جوهري في مواجهة الوباء الا اذا تاكد الاغنياء سيصبحون مهددين بشكل اكبر، صحيا واقتصاديا،مالم يوفروا اللقاحات والامكانيات بالحجم المطلوب للفقراء ومالم يشمل بقية العالم ما يحصل لدى الاغنياء.
واذا ما فرض الفيروس على الاغنياء التخلي عن عنجهيتهم وتعاليهم واحتقارهم للفقراء، فاننا سنكون انذاك بصدد باراديغم جديد، لان التضامن سيجد طريق العودة وستسقط النيوليبرالية بشكل نهائي لتظهر ملامح عالم جديد، لكن لاشئ مؤكد لحد الان، لان السياسيين المصلحين، من امثال روزفيلت، غير موجودين في الواجهة حاليا، والتطورات الجارية في البلدان الغربية تكشف عن تطور العنصرية و الانانية وسط المجتمعات، و المنظمات النقابية واليسارية والانسانية التي كانت تحدث التوازن وتجعل الراسمالية تشك في نفسها تعاني من ضعف غير مسبوق، بل وتتجه الى الاندثار