إدريس الأندلسي
أقتل ، و القتل أمر، بإسم توراة كتبها القتلة ، و اقتلوا عبر السنين و ازرعوا في الأرض كمينا للإنسانية لكي يتم اعتبار إله اليهود هو الحق الذي يحب سفك الدماء تلذذا ، و تدمير العمران انتصارا لمن يقولون أنهم شعبه المختار. هكذا أعاد المجرمون الصهاينة صناعة ديانة نسبوها إلى رب ، و وضعوا له من الصفات و الأسماء ما يمكنهم من إشباع نزواتهم و رغباتهم في امتلاك كل شيء و تحويل العالم إلى حلبات صراع و التحكم في كل شيء و ذلك عبر دمار و قتل و سبي. و هكذا وصلوا إلى بلادنا و اقنعوا بعضنا لكي يقولوا ” أنهم جميعا اسراءليون ” . كونوا أو لا تكونوا و لكن الجهل بالتاريخ مصيبة و مدعاة للتخلق بأخلاق من يعتبرونكم مجرد ازلام و لن تصلوا أبدا إلى مصاف من يعتبره الصهيوني المغتصب للأرض، أصدقاء. أحرار المغاربة أكثرهم التصاقا بوحدتهم الترابية و بالتضامن مع الشعب الفلسطيني. و كلهم لن يقبل استغلال أراضيه و مياهه الجوفية من أجل زراعات مذرة للدخل و قوية الإضرار بالتربة و بالفرشة المائية. من طرف من قالوا أنهم أبناء ” ابراهام” الذي تم إنتاجه في هوليوود و دخل إلى لعب دور كبير في صنع واقع جيواستراتيجي يخلخل الخرائط و يحاول تغيير سلم القيم من أجل فرض الخنوع عبر اتفاقيات سميت بإقناع صارم ممن أصدر الأمر في عهد الرئيس ترامب. و هذا لن يكون و لو كان الثمن أغلى من الحياة. فكفى يا أبناء بلادي المدوخين بخطاب صهيوني منتجوه يقتلون اطفال غزة. افيقوا من فعل رشوة قد تفعل فعلها في الذوات و العقول. الآباء المؤسسون للصهيونية لا يكنون لكم إلا الاستهزاء و لا يعتبرونكم سوى خداما مسلوبي الإرادة و مرتشين سيتم فضحهم بعد كل انتكاسة. و الانتكاسات المقبلة كثيرة بفضل إرادة شعب الأبطال الراضين بنتائج إلتزام من أجل وطن. “هم صامدون صمود القدر، هم صامدون صمودا يلين عناد الزمن، زمن يبيد رقاب الطغاة و يبني متينا حصون الوطن.” أما أنتم فمصيركم كره من لدن أكثر الناس قرابة إليكم”. قال صغيركم بعد مسيرة مليونية: ” لا أسمح لأحد أن يتكلم باسمي و ينادي بوقف التطبيع مع إسرائيل “. و من أنت حتى تفرض على مسيرة مليونية أمرا بعدم التلفظ بشعار رفض التطبيع. ماذا تقول لقتلى وصلت اعدادعهم إلى 24 ألف أغلبيتهم اطفالا ونساء. هنا اقول تبا للإعلام المطبع و لمن يعيشون على فتات موائد المطبعين ذوي الموارد و الموائد. و إن غدا لناظره لقريب.
و في غياب صوت الكثير من الدول العربية و الإسلامية، قامت جنوب أفريقيا بوضع ملف دعوى لدى محكمة العدل الدولية ضد جرائم الابادة الجماعية التي تقترفها إسرائيل في غزة . و هذه خطوة تاريخية سيليها مسلسل يعري همجية و عدوانية الكيان الصهيوني الغاشم. وثيقة جنوب أفريقيا تبين الانتهاك الصريح لاتفاقية 1948 حول جريمة الابادة . و ينطبق منطوق و مضمون هذه الاتفاقية على ما تقوم به إسرائيل من ” القيام عمدا بتدمير كل أو جزء من مجموعة وطنية أو عرقية أو اثنية أو دينية ” . هذه الوثيقة التي قدمت للمحكمة تضم 84 صفحة تغطي كل الجرائم المرتكبة منذ ثلاثة شهور. و من المتوقع أن يبدأ البث في الدعوى يوم 12 نونبر.
ما يجري في غزة و في الضفة الغربية و ما يمكن أن يجري في لبنان و مصر و بعدها في دول الخليج التي دخلها الصهاينة و هم يبتسمون و يخجلون في إنتظار تكشير انيابهم على الخليجيين و مواجهتهم بكتابات تلمودية مصطنعة، ككل كتاباتهم، للسيطرة على الجزيرة العربية . مراكز دراساتهم الإستراتيجية تحدد المراحل و الخطط و توجه أعمال أجهزة الاستخبارات للعمل على كل القطاعات الإقتصادية و الثقافية و الدينية و التخريبية و تسخير العملاء من ذوي “السنطيحة و الحاجة إلى المورد”. الغرب الأمريكي الأوروبي يعلم نوعية الأدوار الموكلة له. وزراء إسرائيل و قادتهم الدينيون و قادة الصهيونية غير اليهود لم يعد لديهم خطاب مغلف بالقانون الدولي و بالأعراف الإنسانية. كلهم يقولون بجهر و بخبث عبر شبكات التلفزيون أن قتل الشعب الفلسطيني كله فرض توراتي و تدمير أماكن العبادة أمر إلهي و قتل الأطفال واجب مقدس. الغرب المتشدق بالمبادىء ساكت و مقتنع بأن الصهيونية تسهل عليه الحفاظ على مصالحه عن طريق تدمير كل القيم الإنسانية و القانون الدولي و المنظمات الإنسانية. درسنا منذ عقود القانون الدولي و المنظمات الدولية و المبادىء المؤسسة لمنظمات الأمم المتحدة و صدقنا أن كافة الشعوب لها الكلمة في صناعة قانون البحار و استغلال ثرواث الاعالي و الأعماق. لكن حق الفيتو و صناعة الحروب أدخلنا إلى عالم واقعه قوة و سوق سلاح و سيطرة على مؤسسات مالية. مات حلم الديمقراطية في مجلس الأمن و خارجه. و النتيجة حروب على العالم العربي و قبله على الشيلي الديمقراطية في عهد ” اليندي ” المغتال و على كوبا و على بوليفيا و على الكونغو و على الفيتنام. و الأمر يزيد استفحالا في هجوم حلف الناتو على كل المعاهدات التي وقعت من أجل المحافظة على السلم في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. تحرك الغرب ضد روسيا في مواجهة مع من نصبوه لزعزعة توازنات العالم انطلاقا من أوكرانيا. و يستمر بعض اليافعين إعلاميا لدينا في التأكيد على ” أنهم كلهم اسراءليون “.
خلق هذا الغرب كذبة كبرى و فرض تصديقها بالقانون المفروض على الشعوب. هم يعرفون أن محرقة اليهود من صنع تواطؤ هتلر مع أغنياء يهود أوروبا مع مباركة أمريكية. و أصبح العالم الغربي ينصب المشانق لكل من يحاول فتح صفحات التاريخ للتعريف بشبكة المجرمين الحقيقين. هذا الغرب قتل و شرد و دمر حضارات في آسيا و أمريكا. و أستمر قتل الشعوب، خلال محاكمة نورنمبيرغ بعد الحرب العالمية الثانية. خرجت فرنسا من هذه الحرب لتزيد من نعرتها الإستعمارية و تخون العهد الذي قطعته على نفسها حين كانت ترزح تحت نير الهيمنة النازية على أراضيها. أرسلت سلطات الإستعمار خيرة شباب المغرب و تونس و الجزاءر و السنغال و غيرهم إلى الجبهات و قتل منهم الآلاف. و لم تكتف بهذا بل أستمرت في تجنيد شباب مستعمراتها في حروبها في الهند الصينية. و نفس المسلسل أستمرت عليه المملكة المتحدة و مملكات أوروبا الإستعمارية و إيطاليا و إسبانيا.
من هذا الواقع الدموي ، استمدت عصابات الصهيونية أساليبها العدوانية. أخذت الأموال من ألمانيا و أمريكا و السلاح و التأطير و الدعم المطلق لسياساتها العنصرية لكي تسيطر على أرض فلسطين. و كان واقع العرب يتأرجح بين ارادة للتحرر و البناء عبر مشاريع إصلاحية او ثورية و بين اشتغال لقوى الغرب أدى إلى خلق خارطة جديدة وضع اسسها ” سايس بيكو ” و أعطاها اسما مغريا هو الثورة العربية و ذلك ضدا على تاريخ كبير استمر طويلا تحت قيادة الإمبراطورية العثمانية. و منذ ذلك الوقت و الغرب يمد يده ليحرك من يشاء، و من يصنع، لإتمام إغلاق كل الأبواب أمام كل مشاريع أية نهضة سياسية و لو كانت في المهد.
و حين تقتل إسرائيل الألاف من الفلسطينيين، فإنها تفعل ذلك بدعم من أمريكا و أوروبا و في إطار كذبة أخرى إسمها ” الدفاع عن النفس” . هذا المدافع عن نفسه يقتل منذ عقود و يستولي على الأراضي و يعتقل الأطفال. و حين يتحرك المظلوم يتم الزج به في مربع الإرهاب. لم يعد يهم هذه الدول أن يتم فضحها و فضح أساليب نفاقها. كشفت تركيا كيف تم تجنيد عملاء لإسرائيل لتصفية قيادات فلسطينية و عربية معادية لإسرائيل و الصاق كل الأفعال الاجرامية بداعش و القاعدة. و للعلم، فإن كل ما سمي بمنظمات إرهابية كانت نشيطة و قوية في سوريا و العراق لمدة سنوات لم تتكلم ابدا عن فلسطين و لا عن الاحتلال الإسرائيلي و لا عن الديمقراطية و لا عن حق الشعوب. أوكل لهذه المنظمات، الغنية جدا بالمال و الأسلحة، تأمين وجود إسرائيل عبر تدمير كل خطر كيفما كان مصدره. تم استهداف العراق عبر تلاعب أمريكي و تصويره أنه يمتلك على أسلحة دمار شامل، و تم التدمير و قتل مئات الألاف من العراقيين. الأمر نفسه حل لسوريا التي تشكل كابوسا لإسرائيل التي استولت على هضبة الجولان و التي تريد الاستيلاء على البقاع بمكونيه اللبناني و السوري. و كل هذا بمباركة الغرب. إعلام الغرب المسير من طرف طغمة من رجال و مؤسسات المال، لا يطرح سؤال مصدر قوة داعش و لا يريد إلا حماية ترابه من رجوع الدواعش الذين سمح لهم بالالتحاق بمناطق المعارك في سوريا و العراق.
ما يقع منذ أكثر من تسعين يوما في غزة جزء من مناورات كبرى هدفها الأكبر زيادة تدمير الشرق الأوسط. الجديد في ما يقع تحول جزء كبير من الرأي العام العالمي إلى دعم القضية الفلسطينية و مساندتها للتحرر من حركة صهيونية صنعها الإستعمار الغربي و اطرها ايديولوجيا زعماء حركات يهودية تكذب على التاريخ عبر خلق أعنف حركة عنصرية عرفها الإنسان. حسب كلام المتطرفين، سيعرف العالم تحولا يصبح فيه اليهودي صاحب مئات العبيد و متمكنا من كل خيرات الأرض. هذا الهراء لا يمكن أن يقبل من طرف الإنسانية التي تجاوز عددها ستة ملايير نسمة. هذا الكذب و هذا التقتيل للشعب الفلسطيني لا يقبله سكان الأرض الذين لا زالوا يؤمنون بضرورة قمع الشر و الارتفاع بالعلاقات الإنسانية إلى الأحسن.
ما يقع في غزة تحول في التفكير الإنساني البناء الذي سيدفن التهور الصهيوني بوعي و رفض و مساندة للمظلومين. حكومة إسرائيل تعيش خريفا مظلما بعد عقود من ممارسة الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، و ملئ سجونها بالأطفال و النساء و الشيوخ ، و تدمير المستشفيات و المدارس و قتل المدنيين. أصوات ترتفع داخل إسرائيل لمحاكمة التطرفين، مجرمي الحرب و على رأسهم نتنياهو الذي أصبح وجهه كذئب يستشعر نهايته و يلقى بكل ما لديه من سموم لكي يستمر في الغدر. يتلذذ بقتل الأطفال لكن جثثه ستعرف نفس المصير الذي عرفته جثة الإرهابي شارون. من حق كل حر أن يفتخر بشجاعة الفلسطيني الذي يقاتل من مسافة الصفر. أما الصهاينة فلن يفتخروا ابدا بانتصار على المستشفيات و المدارس و المدنيين من طائرات أمريكية و سلاح أوروبي تقتل من مسافات و لا تزيدهم إلا خوفا و رهابا عكس صاحب الحق الذي يدافع بسلاح بسيط و بقلب صامد. المرأة الفلسطينية ولادة بالفطرة و بالعزيمة على أن تهدى للوطن فدائيا يحرر شبرا ثم وطن.
أمريكا برئيسها و وزراءها و صناعاتها العسكرية و مؤسساتها المالية لم و لن تتمكن من عزيمة شعب صنع الغرب الإستعماري سلطة صهيونية لقهره. لكن هذا الشعب له أمهات تلد المناضلين الأوفياء للتاريخ و للأرض و للتاريخ. الصهيونية سخرت الملايير لصناعة انتماء لوطن و فشلت لأن الانتماء للوطن في الشرق لا يمكن أن يصنعه تجار صناعة العصابات الآتية من شرق أوروبا من المغول و روسيا ذوي السحنة البيضاء و العيون الزرق من أمثال نتنياهو الذي تلفظه أرض الشرق مهما بلغ تزمته و عنفه و تشويهه للتاريخ. صواريخ الصهاينة قد تدمر المباني و لكنها لن تفلح في الاستيلاء على حقوق فلسطينيين مؤمنين بحقوقهم التاريخية إلى الأبد.