آخر الأخبار

إشكالية التعمير بجماعة “أيير” إقليم آسفي

ينبغي الإشارة منذ البدء على أن التعمير يصعب الإحاطة بكل جوانبه، وهو إشكالية تهم الدولة والمؤسسات العمومية وليس فقط الجماعة، إذ ان المشرع المغربي ضيق من صلاحيات هذه الأخيرة في مجال التعمير، وهو ما يؤكد بشكل جلي مركزية القرار على مستوى سياسة التعمير بالمغرب.

هذا واضح وجلي من خلال النصوص التشريعية في هذا الصدد وعلى رأسها القانون 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر مخالفات التعمير، غير أن ما يهم هنا هو دور الجماعة في مجال التعمير، إذ بالعودة إلى القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات نجد على أن المشرع قد ضيق من صلاحيات الجماعة، بحيث لم يمنحها أي اختصاص صريح في مجال التعمير.

يؤكد ذلك الفصل الثالث من الباب الثاني من القسم الثاني المتعلق باختصاصات الجماعة في مجال التعمير وإعداد التراب، بحيث لن نعثر على صلاحيات جوهرية في هذا المجال، وإنما اكتفى المشرع بمنح الجماعة اختصاص السهر على احترام الاختيارات والضوابط المقررة في الوثائق المتعلقة بإعداد التراب والتعمير، وتنفيذ مقتضيات تصميم التهيئة ومخطط التنمية القروية… إلخ (المادة 85 من القانون التنظيمي أعلاه).

وبالتالي فالملاحظ من خلال الإطلاع على القوانين المؤطرة لسياسة التعمير بالمغرب وجود عدة أجهزة وفاعلين (وزارة الداخلية، الجماعات الترابية، مصالح تقنية، مكاتب الدراسات…) يتدخلون في رسم هذه السياسة.

وبالعودة إلى واقع التعمير بجماعة “أيير” بإقليم آسفي فيلاحظ على أن الأمر يتعلق بإشكال حقيقي، ألا وهو إشكال الأراضي السلالية، مما ينتج عنه مشكلة تحويل هذه الأراضي إلى أراضي مملوكة لجهة ما بغية تسوية وضعيتها القانونية، وبالتالي فالساكنة بجماعة “أيير” تجد نفسها محاطة بشبكة من الاكراهات لمدة تزيد عن عقدين من الزمن يمكن إجمالها في العوارض التالية:

-وجود متدخلين كثر في رسم سياسة التعمير، وتعقد المساطر القانونية في هذا الباب.
-مواجهة عدة عراقيل في سبيل الحصول على رخص الإصلاح، منها التأخير والابتزاز.
-الهدم وتحرير المحاضر والاصطدام مع السلطات المحلية في كثير من الأحيان.
-استفادة البعض من البناء دون البعض الآخر، وللأسف فأغلبية هؤلاء من الأغيار وليسوا من ذوي الحقوق، مما يؤكد على الدور الذي يلعبه المقدم والشيخ في مجال التعمير بالمنطقة، ولعل ما وقع ب”دوار حيوط الشعير” بجماعة “أيير” لخير دليل على أن من يبني هم أصحاب المال الذين يستطيعون تأدية الواجب (التدويرة) مع الفاعلين المحليين في قطاع التعمير، أما المواطن الأييري البسيط فلا يمكنه إلا أن يستمر في العيش داخل بيت أجداده ليورثه بدوره لأبنائه وأحفاده.
-فضلا عن طغيان الهاجس السياسي والشخصي على حساب المصلحة العامة.

وبالتالي فإلى متى سيبقى المواطن الأييري يعاني من شبح الهدم وتحرير المحاضر، ألم يكن ذلك البؤس والمعاناة التي تكبدها في سبيل جمع دريهمات لبناء غرفة يتستر فيها عن البرد والحر هو وأبنائه كافية لينضاف إليها مواجهة السلطة بداعي عدم قانونية البناء؟، ثم إلى متى سيبقى هذا الملف الحساس عالقا، ألم يحن الوقت بعد لتدخل الدولة بشكل جدي والتنسيق بينها وبين مختلف الفاعلين وصانعي سياسة التعمير بالبلاد لإيجاد حل، وبالتالي تفعيل الحق في السكن الذي يعد من الحقوق التي تحفظ للإنسان كرامته، والمنصوص عليه دستوريا من خلال الفصل 31؟.