ادريس الأندلسي
الحرب لم تعد مواجهة مباشرة بين عدو وعدوه. الحرب لم تعد شهامة و قيام أبطال بأفعال يصفها الشاعر أنها نتيجة ” بكر بفر …”. الحرب لم تعد مواجهة بين الأبطال بل هروبا عبر طائرات تحمل الأطنان من متفجرات موجهة للنساء و الأطفال. حيثما كانوا ستصلهم قذائف أمريكية الصنع وضعوها بين أيادي الصهيونية لكي تكمل ما بدأه هيتلر النازي الذي أصبح قائد عمليات نتنياهو في عزمه على إغتصاب كل البشر و هدم كل مؤسسات الأمم المتحدة. و أمريكا التي يحكمها ” ديمقراطي” إسمه بايدن تراهن على القتل الجماعي الصهيوني لكي يتم صنع واقع جديد بالسلاح و الرصاص و كل القنابل المسيلة للدماء. أمريكا و أوروبا تتهم حماس دون دليل و ترفض اتهام الصهاينة و الحاخامات رغم وجود اعترافات و دلائل. هذه حقيقة من يمتلكون السلطة بإسم قيم الغرب.
و هكذا أصبح الحلم الديمقراطي الأمريكي عالما من الكوابيس. كان الشاب أوباما عنوانا عريضا عن رغبة في احقاق للحق في كل الفضاء ات. اليوم نشهد كل يوم سقوط الأقنعة و زيف الخطابات. فيتو أمريكي بمثابة ضوء أخضر و شحنات للآلاف من القذائف لقتل الفلسطينيين. أمريكا التي قالت أنها تدافع عن الحرية و حقوق الإنسان تقول للصهاينة اقتلوا بأسلحتنا الأطفال و النساء و الشيوخ. الفيتو في خدمتكم إلى أجل غير مسمى. الفيتو الأمريكي سيخلق المزيد من الحقد و الإرادة في الإنتقام و كثيرا من الكفر بالقانون الدولي و سيطرة سيكولوجيا العنف و كثيرا من أشكال إرهاب الفقراء و المظلومين و ضحايا الإمبريالية و الإستعمار.
أوروبا غارقة في مستنقع الخضوع للإسرائيليين. أصبحت ” بلاتوهات” التلفزيون ملاذا لمشوهي التاريخ و لصحافيين يبيعون كل المبادىء من أجل حفنة من اليورو. يبدأ محلل الأخبار على القنوات بالركوع و السجود لقيادات الصهيونية. التاريخ لديهم وقف عند يوم 7 أكتوبر 2023. إسرائيل دولة، في نظرهم المعتوه، دولة لم تقترف مجازرا و لم تقتل اطفالا و لم تسجن شبابا و نساء، و لم تغتصب أرضا. هكذا سقطت أروبا و بعض مثقفيها في آبار الكذب. إذا تكلم إنسان عادي عن القتلى المدنيين الفلسطينيين يصبح معاديا للسامية و لو كان ساميا حسب التصنيف التاريخي الديني لجذور الشعوب.
بعض حاخامات اليهود يؤكدون على جواز إغتصاب الفلسطينيات و يقولون أن هذا الفعل النازي و العنصري و الهمجي مصدرة كتابهم التوراة. يقولون هذا و يسكت أشباه الصحافيين ثم يوجهون اسلحتهم الايديولوجية ضد الفلسطينيين و الأحرار عبر العالم لنعت كل عمل فداءي على أنه إغتصاب تحرمه المواثيق الدولية. أما الاغتصاب، حسب المفهوم التوراثي ، فيتماشى مع القانون الصهيوني الذي لا يعارض ، حسب درجة مرضهم العنصري، هذه المواثيق الدولية.
لكل ما سبق، أصبح الكفر بقيم الغرب جائزا بل واجبا. هذا الغرب لا يؤمن بقيمه و يعتبر استغلال خيرات الشعوب حقا أبديا في أفريقيا و الشرق الأوسط و أمريكا اللاتينية و آسيا. هذا الغرب لا يجب أن يسمح له بإعطاء الدروس للآخرين. هذا الغرب الذي صنع الاستعباد و العنصرية و حروب الابادة و أساليب الانقلابات العسكرية على زعماء أرادوا الدفاع عن خيرات شعوبهم، هو من دمر حضارات أمريكا القديمة عبر البندقية و المخدرات و الكحول و إدخال الفيروسات و الأمراض المعدية إلى قارات آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية و افنى الملايين في تطهير عرقي إجرامي تشهد عليه وثائق التاريخ.
لمن يريد أن يقول العكس، وجب تحليل خطاب سياسية فرنسا و أمريكا و إنجلترا و إيطاليا و غيرها. هؤلاء لا زال همهم إدانة الضحية و الأسير و المظلومين. ولكن الظلم يولد طاقات كبرى ضد المعتدي. الغرب يسلح إسرائيل بالملايير و بأحدث الأسلحة و لكن يشهد كل يوم أن سلاح المظلومين و المؤمنين بالحرية أكثر فتكا بالجيوش من مركبات ابراهام و المير كافا و المسيرات و القنابل التي يلقيها مجرمو الحرب من طائرات الفانتوم على المدارس و المستشفيات. أصوات بعض اليهود بدأت تعترف بهول الكارثة و بالطاقات الاستثنائية لكتائب القسام على مواجهة الهمجية الإستعمارية الصهيونية.
أمريكا و محميتها إسرائيل لا تطيق استمرار الحرب التي تدور في الشوارع. المواجهة من ” منطقة الصفر” تتطلب الشجاعة و الإيمان بالحرية و كثيرا من الاقتناع بروح التضحية. و هذا لا يتوفر، طبعا، لدى الجندي الإسرائيلي و لا لدى المستوطنين مغتصبي أراضي الفلسطينيين و لا لدى عصابات الصهيونية الماجورين. استمرار المواجهة يؤجج موجة الخوف و يضعف الثقة في قياداتهم و يدفع الكثير من الصهاينة إلى الهجرة المضادة إلى أمريكا و أوروبا. و تشير بعض المصادر الإسرائيلية إلى تزايد أعداد المغادرين عبر مطار تل ابيب . هذه نتائج الغطرسة الصهيونية العنصرية و هذه أيضا نتائج إيمان شعب بقضيته إلى الأبد. قد تتراجع درجة هذا الإيمان لدى البعض لأسباب كثيرة، من بينها العمالة للعدو، لكن حركة التاريخ تسجل دائما وفاء الأغلبية لمبادئ التحرر و إسترجاع الحقوق المغتصبة. و ما ضاع حق وراءه طالب.