آخر الأخبار

إغلاق عيادة توليد بالمحاميد دون وثائق رسمية: خرق قانوني أم تعسف إداري؟

في حادثة تُثير القلق والدهشة، أقدمت لجنة مختلطة تضم ممثلين عن السلطة المحلية بالمحاميد على إغلاق عيادة توليد خاصة، تتوفر على ترخيص قانوني من الأمانة العامة للحكومة، دون تقديم أي وثيقة رسمية تُبرر هذا القرار، أو توضح حيثياته. هذا الإجراء، الذي تم بشكل شفوي ودون محضر، يُعيد إلى الواجهة تساؤلات عميقة حول مدى احترام السلطة المحلية للقانون، وحول الضمانات التي يُفترض أن يتمتع بها المواطن في دولة تدّعي التزامها بمبادئ الحكامة والشفافية.

عيادة مرخصة… وقرار شفوي؟

صاحبة العيادة، التي التزمت بكافة الشروط القانونية والإدارية لفتح مؤسسة صحية تقدم خدمات التوليد، لا تملك اليوم سوى الصدمة والاستغراب. فقد حصلت على جميع التراخيص من الجهات المختصة، بما فيها الأمانة العامة للحكومة، كما راعت المعايير الصحية والتقنية. أما ملاحظات اللجنة التي زارت العيادة مؤخرًا، فلم تتعدَّ كونها ملاحظات بسيطة تتعلق بـفتح نافذة داخل مرحاض، أو تجديد بلاط أرضية، وهي أمور لا ترقى قانونًا إلى مستوى المخالفات التي تُبرر الإغلاق.

كما أن اللجنة طلبت أيضًا بعض الوثائق الإدارية الخاصة بالعاملين بالعيادة، وهي وثائق كانت في طور التحديث، ولا تشكل أي خطر أو تهديد للصحة العامة. ورغم ذلك، جاء قرار الإغلاق مفاجئًا، وبشكل شفوي فقط، دون أي وثيقة مكتوبة، ما يُعتبر سابقة خطيرة وتجاوزًا صارخًا للمساطر الإدارية والقانونية.

ما يقوله القانون: وضوح في النص… وغموض في التطبيق

القانون المغربي واضح بخصوص فتح العيادات الصحية، ويخضع لمجموعة من النصوص، أهمها:

القانون رقم 44.13 المتعلق بمزاولة مهنة القابلات، الذي ينص في مادته الثالثة على ضرورة الحصول على ترخيص من الأمانة العامة للحكومة.

القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، والذي يُطبّق على بعض الجوانب التقنية والتنظيمية للعيادات.

القانون رقم 03.01 الخاص بالمحاكم الإدارية، والذي يُلزم الإدارة بتعليل قراراتها وتمكين المواطن من وثيقة الطعن أو التصحيح.

أي قرار إداري بالإغلاق يجب أن يكون معللًا، مكتوبًا، ومُسلَّمًا للمعني بالأمر، مع توضيح أسباب الإغلاق ومنحه أجلًا لتدارك المخالفات إن وُجدت. أما القرار الشفهي، فهو باطل قانونًا، ولا يُعتد به أمام القضاء.

حق اللجوء إلى القضاء الإداري:

يضمن الفصل 118 من دستور المملكة حق كل مواطن في اللجوء إلى القضاء للدفاع عن حقوقه، كما يُمكن للمتضررة:

رفع دعوى إلغاء القرار الإداري لدى المحكمة الإدارية بمراكش، استنادًا إلى الشطط في استعمال السلطة.

المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عن التوقيف غير القانوني لمصدر رزقها.

المطالبة بمساءلة اللجنة التي قامت بالإغلاق دون سند قانوني، باعتبار ذلك إخلالًا بمبادئ المسؤولية الإدارية.

من يحمي القانون حين يُخرق باسم القانون؟

القضية ليست فقط شأنًا فرديًا، بل تمس جوهر العلاقة بين المواطن والإدارة. إذا كان احترام القانون اختيارًا لدى بعض المسؤولين، فإن الثقة في المؤسسات ستكون أول ضحايا هذا التعسف.
صاحبة العيادة لم تطلب حماية خاصة، بل فقط تطبيق القانون… فهل يُعقل أن تُغلق مؤسسة صحية مرخصة قانونيًا لأسباب تقنية بسيطة، وبقرار شفوي لا يحمل لا ختمًا ولا توقيعًا؟

إن ما وقع في المحاميد يعكس حاجة مستعجلة إلى تقنين عمل اللجان المختلطة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتكريس الشفافية في التعامل مع المهنيين الذين اختاروا الاستثمار في الخدمات الاجتماعية والصحية.