إلغاء شعيرة ذبح الأضحية
قرار ملكي حكيم يعيد التوازن ويحمي القدرة الشرائية للمواطنين وأشياء أخرى …
باريس : الدكتور محمد محاسن
يأتي قرار أمير المؤمنين بإلغاء شعيرة ذبح الأضحية في هذا الظرف الدقيق كخطوة حكيمة ومدروسة، تعكس حرصه الدائم على تحقيق العدالة الاجتماعية وحماية القدرة الشرائية للمواطنين. فهذا القرار لا يضع حدًا فقط للمضاربات والتلاعبات التي عرفها سوق الأضاحي، بل يكشف أيضًا عن اختلالات أوسع في السوق الاستهلاكية، حيث يستغل بعض الفاعلين الاقتصاديين المناسبات الدينية والاجتماعية لتحقيق أرباح غير مبررة على حساب الفئات الأكثر هشاشة.
لقد أظهر هذا القرار بوضوح حقيقة بعض الفئات التي تستفيد من الأزمات، من بينها بعض مربي الماشية الذين قدموا أرقامًا غير دقيقة حول حجم القطيع المتوفر، بهدف التهرب الضريبي، قبل أن تتكشف الحقيقة بعد القرار الملكي. كما سلط الضوء على دور الوسطاء الذين أصبحوا يشكلون لوبيات تتحكم في الأسعار دون مراعاة لقواعد المنافسة الشريفة أو حقوق المستهلك. هؤلاء الفاعلون، بدلًا من أن يكونوا جزءًا من منظومة اقتصادية متوازنة، تحولوا إلى أدوات ترفع الأسعار بشكل غير منطقي، مما يرهق المواطن البسيط ويؤثر على استقرار السوق.
لكن التداعيات الإيجابية لهذا القرار لن تقتصر على قطاع الفلاحة فحسب، بل من المتوقع أن تمتد إلى قطاعات أخرى، مثل سوق المحروقات، حيث تتكرر نفس الممارسات الاحتكارية. وإذا كان هذا القرار قد وجه رسالة واضحة إلى المضاربين في سوق الأغنام، فإن الرسالة نفسها يجب أن تصل إلى الفاعلين في قطاع المحروقات، ليعيدوا النظر في تسعيرتهم بما يتماشى مع الواقع الاقتصادي الحالي، بدلًا من الاستمرار في فرض أسعار تفوق المؤشرات الحقيقية للسوق الدولية.
في النهاية، يبرز هذا القرار باعتباره خطوة ملكية جريئة وفعالة، تحقق ما عجزت الحكومة عن تحقيقه رغم تزايد الضغوط الاقتصادية. وإذا كان المواطن هو الحلقة الأضعف في معادلة السوق، فإن مثل هذه القرارات تعيد التوازن وتحمي حقوقه من استغلال بعض الفئات التي لا تراعي إلا مصالحها. فهل ستتعلم باقي القطاعات الدرس، أم أن تدخلًا آخر سيكون ضروريًا لضبط الأمور؟