إدريس الأندلسي
لن اخاطبكم بلغة الفقه و الدين لأني غير قادر و لا مؤهل للنقاش في قضية المرأة من منظور ديني. و هذا حقي مهما كانت درجة عدم علمي بأقوال رجال شرعوا بإسم للنساء بطريقة ” رجولية” و احاطوهن باسوار مرتفعة و مانعة للحق في التعبير عن الحرية و الحق في القرار و الحق في العيش الكريم .
من حق المرأة أن تحب رجلا و أن تطلبه للزواج وان تحبه و أن تختاره دون غيره. لا أظن أن هذا الأمر مخالف لأي دين و لأي مبدأ سماوي كان مصدره رب السماوات و الأرض أو تشريعات أقرها أهل هذه الأرض من خلال مؤسسات ارتضوها لأنفسهم بطريقة او بأخرى . من حق المرأة أن تتصرف في شؤونها دون وصاية رجل. كلهن أغلبهن أصبحن متميزات كالعالمات و الطبيبات و المهندسات و القاضيات و غيرهن من ذوات الحكمة و العلم و الذكاء اللواتي لا يجب أن يخضعن لقوانين وضعها رجال بإسم السياسة و الأديان و الايديولوجيات. كل النساء لا يجب أن تعتبرن كجزء من المكان و المتاع و الشيء الذي يدخل في ملكية ما يسمى بالرجل.
قال وزير العدل أنه سيدافع عن حقوق المرأة و سيترجم هذا الى تدابير قانونية لتعديل مدونة الأسرة. لا يهمني الشخص بقدر ما يهمني المسؤول السياسي. قضى حزب العدالة و التنمية سنين على رأس حكومة كان همها اعتبار المرأة كائنا يستحق التضامن و التشجيع على التساكن و الصبر على الغبن و الظلم و المكيدة و التهاون. التعدد كان و لا زال مقبولا و مرغوبا فيه لدى اقلية مسيطرة و لو تجاوز شعور المرأة بالظلم جراء تنقل بعل بين غرف نوم ليضاجع بإسم الفحولة امرأتين او ثلاثة و يستشيط غضبا على الحائض منهن.
قال وزير العدل أن المرأة المطلقة يجب أن لا تفقد الحضانة لأنها تزوجت و بعلها السابق متزوج و ربما من أربعة نساء. هل هذا يخالف شرع الله. لا و ألف لا. إنه يخالف قراءة مستبدة تستفيد من الدين لأغراض لا يقبلها و لن يقبلها من جبل على العدل الإلهي. يريدون و يردن أن يقدسوا و أن يقدسن قرار رجال من قرون مضت و يشرعنونها بالتفاف حول ما هو مقدس.
رغم اختلافي مع الوزير في قضايا سياسة، إلا أنني أعرف أنه من أوجب الواجبات الحضارية و الحقوقية أن أدافع على كل مشروع قانون يقدس دور المرأة في بلادي. كل من يعادي حقوق المرأة عدو لكل الشرائع الدينية و الدنيوية و عدو لحقوق الإنسان و عدو للحضارة .نساء يحملن و يرضعن و يعملن و ينفقن و يكونن اجيالا من المتفوقات و المتوفقين و لا حق لهن في إعادة بناء حياتهن. كل هذا في الوقت الذي يتحرك فيه “الذكر” من أصناف الرجال المتنكرين للمسؤولية ليقف أمام قاض ليطلب إسقاط الحضانة. هذا يحدث في بلدي و هذا لا يشرف أي إنسان أو أية مؤسسة على وجه أرض ألله الواسعة. نعم و ألف نعم لكل تشريع جديد و مستجيب لمبادئ العدل و المساواة التي تنصف المرأة و الرجل و تبين الحقوق و الواجبات على أساس القدرة على تحمل المسؤولية و ليس على أساس بيولوجي يفرق بين الأنثى و الذكر في مجتمع تجاوز، على ما أظن، مرحلة ما قبل الحضارة.
الوقت الحاضر و ما يحيط به من ظروف لا تضمن كرامة المرأة و لا تعطي أي ضمان لممارستها لحقوقها. لدينا مدونة للأسرة أصر ملك البلاد على أن تخرج إلى حيز الوجود منذ السنوات الأولى لتوليه المسؤولية العليا في الوطن. تغيرت بعض الأمور نسبيا و لكن الكثير من النساء ظللن في وضعية هشاشة لعدة أسباب. مدونة الأسرة اغفلت الكثير من الحالات المحزنة و قوة السلطة التقديرية للقضاة بالإضافة إلى ثقافة مجتمعية راكدة ، كرست سلوكات أجهزت على ما كان ينتظر من مكاسب للمرأة. و قد بين عاهل البلاد أن العدالة يجب أن تشمل كل حقوق الأسرة بما فيها حماية المرأة من بطش الزوايا الميتة في القانون. و على رأس هذه الزوايا الإطار المنظم للحضانة من تدبير حياة الأطفال من تمدرس و سفر و تنقل و تغيير للسكن.
نعم يجب دعم كل مبادرة سياسية تتناسب مع مغرب اليوم الذي يضع العدالة و المساواة على رأس المبادئ الدستورية. المرأة يجب أن تتمتع بجميع الحقوق التي يتمتع بها طليقها مهما كانت حالته النفسية و العقلية و المادية و المدنية و مهما كانت سمعته و نظام حياته. قد يتزوج بعدها بأربعة و قد تكون له خليلات و قد يكون من سهار الليالي و قد يكون دخله بالملايير، و كل هذا لا تؤطره المدونة و تغفله الكثير من الممارسات القضائية. أصبح لازما وضع حد لهذا الظلم ذو الآثار السلبية على الأطفال و على مستقبلهم. نعم يجب تعديل المدونة بإسم العدل أولا و ثانيا و ثالثا و أخيرا. العدل مبدأ لا يتناقض مع الديانات و العقائد و الاتفاقيات الدولية و هو الذي يجب أن يسود في علاقة المرأة و الرجل و في الحفاظ على حقوق الأطفال. لهذا يجب أن يكون المجتمع المدني و السياسي خلف كل مبادرة تستهدف احقاق العدل و المساواة من أجل الأسرة. فلننتظر الحكومة و ما ستقدمه من تعديلات لإعادة الحق إلى أصحابه و هدم أسس الظلم الذي يتعرض له نصف المجتمع و أكثر.