*جمال أماش
من الناحية الشكلية مؤتمر اتحاد الكتاب بالعيون المغربية، سيكون فاشلا تنظيميا وثقافيا.وهذا لا يليق بمنظمة ثقافية ومدنية لها تاريخها و رمزيتها العلمية والثقافية،ولها نخبتها في التمكين الاجتماعي،وفي الإشعاع الخارجي.
منظمة اتحاد الكتاب، المشلول منذ 12 سنة، تعاني اليوم من شلل تنظيمي وفكري. بعيد كل البعد عما يجري في عالم الفكر والثقافة والمجتمع .وهو ما يحتاج إلى نقاش حقيقي حول التاريخ وحول المستقبل.
قد يبدو الأمر صعبا أو متجاوزا للعمل بمنظمة تم استهلاك مختلف خلفياتها ومرجعياتها السابقة.مثلها مثل الأحزاب السياسية.ما يعني أن التفكير في مشروعية المؤتمر ومصداقيته في نظر أغلب الكتاب، لا ترتبط جدلا بالتسمية أو بالمكان.لانه فيه مزايدة خاطئة وتكتيك غير مبرر،إذا ما كان يرغب أصحابه في إضفاء المعنى على الفعل الثقافي.
الأمر في نظري لا يرتبط بمؤتمر استثنائي أو بعادي.وهو ما يتجاوز المكتب التنفيذي وغيره من الأمور التنظيمية،إلى التفكير في النموذج الثقافي الذي نسعى اليه ككتاب مغاربة.وهو ما يمكن أن يبرز في النقاش الحقيقي،ودور الكاتب المغربي، في إشكالات الثقافة والسياسة من خلال الإسهام في الارتقاء بالبعد الثقافي والفكري للمواطن المغربي،و في الرفع من مساهمة المثقف المغربي،في المناقشة وفي تقديم البدائل فيما يخص اللغة،والهوية والدولة والتعليم.والاقتصاد.وغيرها،بعيدا كل البعد عن الطموح الريعي، والانتفاع الاجتماعي.
ومن المؤكد أن المغرب،يتوفر على كفاءات كثيرة داخل المغرب وخارجه، ونخبة من الكتاب،لها مصداقيتها وحضورها النوعي،بعيدا عن الضوضاء الانتفاعية والحربائية السياسية،والاصطفاف بجانب ذويه الجاه والكلمة وزعماء الأحزاب.
اليوم ،يجب الأخذ بعين الاعتبار كل السياقات الدولية والوطنية،والمكتسبات التي يحققها المغرب داخليا وخارجيا، بالرغم من كل ما يشكل كوابح التنمية الاجتماعية والبشرية.
اليوم دور اتحاد الكتاب جوهري واستراتيجي في مواجهة خصوم وحدتنا الترابية، وفي الحفاظ على تنوعنا الثقافي واللغوي داخل الوحدة ليس كميتافزيقا،ولكن في أفق تنمية قيم التضامن و المواطنة والتربية على التقدم والنجاح والفرح المغربي.والاسهام في تطوير الحقل السياسي ،وتربية الشباب على الشعور بالانتماء،وعلى التاريخ المغربي.
تنظيم اتحاد كتاب المغرب اليوم،سيكون مغامرة شخصانية غير محمودة العواقب،ولا غد لها ،لأنها ستفرق أكثر مما ستجمع، على مستوى المكتب التنفيذي، ولا على مستوى الفروع.
وفي اعتقادي على اتحاد الكتاب أن يتخلى عن هاجس انتخاب المكتب التنفيذي واللجنة الإدارية وكتاب الفروع،فيما بعد،لينتهي الأمر بالتدافع حول الكراسي، وما يعقبه من مصالح شخصية،لن تترك سوى المآسي،ولن تحقق أي منتوج ثقافي، بلادنا في أمس الحاجة إليه.كما لن يعمل على عودة وحضور رموزنا الثقافية وكتابنا الكبار.
هناك إمكانات كبيرة لتحقيق قفزة نوعية في الممارسة الثقافية لاتحاد الكتاب، إذا ما تمت مناقشة الأمور في إطار مناظرة وطنية،تفرز توجها جديدا واستراتيجيا مغربيا داخليا وخارجيا،وهو ما يبرز أهمية الكاتب واعتباره ورمزيته ليس كمؤلف أو كاتب للكتب،ولكن لدوره الثقافي ودوره في تحصين متخيل المغرب وعمقه التاريخي وامتداده الجيوسياسي.
ومن المؤكد أن نخبتنا الفكرية والثقافية لها ما يكفي من القدرات والكفاءات،وهو ما يتحقق عمليا على مستوى الحضور النوعي في الاصدارات،وفي الجامعات و في المشاركة في المنتديات الدولية،وفي حصاد الجوائز الخارجية. وهو ما يساعد أيضا على الانخراط المجتمعي والمدني، في تقوية المؤسسات وفي مواجهة مختلف التحديات الداخلية و الخارجية.
اتحاد كتاب المغرب،ليس بيتا لأحد يمتلكه بالاقدمية،ولكنه بيتنا الرمزي ،وشجرتنا الوارفة في جميع مناطق مجالنا الوطني المغربي العزيز.
*عضو اتحاد كتاب المغرب. فرع مراكش