إدريس الاندلسي
كرة القدم فن و إبداع و جمل موسيقية تبعث في النفس الانشراح. هي في البدء رياضة تربي في الشباب قوة الانتماء إلى فريق. هي تلك اللعبة التي تتابع خطواتها من مداعبة مستديرة إلى حبها ثم إلى التعبير عن عدم القدرة عن معانقتها و لو كنت أحسن حارس للمرمى في العالم. نعم أحبها حتى النخاع و أتمنى أن يحبها شباب اليوم كما أحببتها. قاموسها وله بالفن و بالإمتاع و بكثير من الإعجاب بالموهوبين من اللاعبين من أبناء الحي و من أبناء فريق المدينة و من نخبة النخبة الوطنية.
الكرة رياضة جميلة لا سحر لها و لا تحل مشاكل المجتمع و لا قدرة لها على صنع الزعامة السياسية و بالأحرى أن تصنع رجل الدولة. الإعجاب بفريق يحقق انتصارات لا يستمر كثيرا. من يذكر كل أسماء فريق سنة 1970 . “حمان” اخترق دفاعا ألمانيا كان على رأسه ” بيكنباور ” الفنان ” الذي نال تعاطف العالم في نهائي كأس العالم سنة 1966. بذراع مكسورة استمر ” الكايزر ” يدبر فريقه في حضور ملكة بريطانيا. ووجدنا “الكايزر” أمامنا في ليلة ابتدأت بعد منتصف الليل من المكسيك أربع سنوات بعد موقعة وينبلي. جميلة هي تلك اللحظات التي عشناها مع علال و المعروفي و السليماني و غاندي و عبد الله و الغزواني و العلوي و حمان و غيرهم و أغلبهم رحلوا عنا بعد أن زرعوا في نفوسنا فرحا كبيرا. كنا أول بلد افريقي يشارك في كأس العالم. و كنا سنشارك لثاني مرة لولا مهزلة كينشاسا سنة 1974 حيث كان الجمهور يجلس خلف المرمى التي كان يحرسها المرحوم أحمد الشاوي و حارس الكوكب المراكشي خلفا للمربي و اللاعب الكبير عبد اللطيف المنصوري.
كانت الكرة بعيدة عن السياسة. كان ملك البلاد يحيطها برعايته و كفى. و بعد ذلك بسنوات تم هجوم على كرة القدم حتى أصبح رئيس نادي الكرة أكثر شهرة و تأثيرا من المسؤول السياسي ليس في الملعب و لكن في الانتخابات السياسية. لكل هذا لا أؤمن بسحر الانتصارات الرياضية لأنها ليست مجالا لصنع المعجزات في مجالات الإقتصاد و التربية و الصحة. الرياضة تساهم في دعم الروح التربوية و لا تقوم اختلالات سببها ضعف في التدبير العمومي.
نعم نحب البهجة و نفرح و نغني بكل جوارحنا نشيدنا الوطني و ننتشي فرحا برفع العلم المغربي في كل بقاع العالم. و لكننا لا نحول هذا الفرح إلى فرصة للتغافل و نسيان مشاكلنا الحقيقية في مجال البطالة و سوء التدبير و ضرورة الحرص على صيانة وحدتنا الترابية. و هذا ما يتطلب الكثير من الوعي للتقليل من الاسقاطات. أن تنجح بلادنا في تحقيق النتائج الرياضية، فهذا شيء جميل و هذا يتطلب كل الإعتراف بمن ساهموا على وصولنا إلى هذا المستوى. و لكن الرياضة لا تصنع بالضرورة رجال الدولة. هذا المصطلح عميق جدا و لا يحق لمعلق رياضي أو أي صحافي أن يعطي لنفسه الحق في “اغداقه ” على من يريد. صفة رجل الدولة يعطيها تاريخ و تجربة و حنكة و تجاوز ظروف صعبة بكثير من الكفاءة و الحكمة. و لكل هذا أخجل أن اقارن مدبري قطاع الرياضة بعلال الفاسي و محمد بلحسن الوزاني و عبد الخالق الطريس و عبد الرحيم بوعبيد و امحمد بوستة و امحمد بن سعيد و عبد الله إبراهيم و عبد الرحمان اليوسفي و غيرهم من الأماجد.
دعونا نفرح بنتائج فرقنا الرياضية و أبطالنا و نشكر كل المسؤولين الذين هيأوا ظروف النجاح بكفاءة. لكن وجب الإبتعاد عن استغلال نتيجة رياضية غير قارة و لا مستمرة الأثر. نعم نفرح و لنا الحق في الفرح و علينا واجب شكر العاملين و كفى. سمعت أحد الأبواق يكثر من توزيع صفة “رجل الدولة ” على إنسان مواطن يحب بلده كغيره و يسهر على إنجاز عمله بجد ، فقلت أن للمجاملة حدود