أفاد بلاغ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة مراكش، أن منطقة المدينة العتيقة، بمحاذاة مقاطعة الباهية، شهدت احتجاجات عارمة لحشد سكان الأحياء المتضررة من زلزال 8 شتنبر الماضي.
وتشاء ذاكرة التاريخ القريب أن تعيد للأذهان صور احتجاجات السكان من حرفيين وتجار صغار وأصحاب المنازل الآيلة للسقوط وهي نتائج التدبير الكارثي لسياسة المدينة ومشاريعها الفاشلة مثل البرنامج الاسطوري الذي خصص له مبلغ خرافي “مراكش حاضرة متجددة” والذي أغرق المدينة في أشغال لامنتهية وأظهر الزلزال حجم الغش وسوء والتدبير فأغلب ما تم ترميمه تهاوى وبقي الأصل الذي يعود لقرون صامدا، ومشروع تأهيل حي الملاح الذي شهد تلاعبات فاضحة على حساب الحرفيين والتجار الصغار، بالإضافة طبعا لعدم مواكبة وتتبع وضعية المنازل الآيلة للسقوط والتي ظلت تهدد السلامة الجسدية للمواطنات والمواطنين رغم تعدد البرامج التي انطلقت منذ 2010 مرورا ب2014 و2016 ، وكلها برامج فاشلة وفاقدة للنجاعة ، لنتهي الأمر بما يسمى برنامج تمثين المدينة العتيقة والذي لن يضيف اي شيئ سوى محاكمة الفشل وهدر المال العام .
واقع مستمر من تغول الفساد واختلاس المال العام دون حسيب أو رقيب.
وبالأمس 24 يناير 2024 شهدت رحاب وجنبات مقاطعة الباهية احتجاجات عارمة لسكان اضناهم الانتظار والتسويف والإقصاء من دعم الدولة لمتضرري الزلزال، منهم من استمر في العيش داخل بيته رغم الأضرار الجسيمة ومنهم من ظل يتنقل بين مراكز الإيواء أو الخيام في أوضاع لا إنسانية، بل إن ممثلة السلطة المحلية التي لا تتوفر على حلول عملية وسريعة لإنهاء معاناتهم اختفت عن الأنظار وتركت أعوان السلطة يروجون خبر مرضها وأنها في اجازة مرضية.
والخطير أن الدولة بأبواقها الدعاية ومؤسساتها المتعددة تروج أن التعامل مع تداعيات زلزال الاطلس الكبير يتم بمهنية واحترافية عالية ، والواقع أن أبسط شروط وضروريات ومستلزمات العيش لم يتم توفيرها للسكان المتضررين.
وتشاء أيضا الصدف أن يتزامن هذا الاحتجاج مع التجمع العارم الذي نظمه النازحون المنتفضون أمام ولاية مراكش آسفي والقادمون منذ التاسعة ليلالا من يوم 23 يناير مشيا على الأقدام ولمدة 24 ساعة من مناطق خلف فيها الزلزال كوارث بشرية ومادية عميقة كاداسيل وايمن دونيت وأسيف المال بأقليم شيشاوة ، عندما سءموا الانتظار وتبخرت كل الوعود السابقة والكاذبة التي سوقت لهم. هؤلاء الضحايا قضوا ليلة مشيا وليلة أخرى مبيتا في العراء أمام مقر ولاية مراكش والحدائق ليصبحوا يوم الخميس 25 يناير في احتجاجات عارمة أمام ولاية مراكش.
وقبلهم ضحايا منطقة امزميز وفي الاسبوع السابق ضحايا جماعات اغيل، أغبار، تلاثن يعقوب وإجوكاك ،الذي تركوا لقساوة الطبيعة والبرد والرياح ومصير أصبح مجهولا أما تنكر الدولة التي تتمعن في أساليب القهر والحكرة.
والجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش تتساءل هل دور الدولة ، وعن أدوارها ، ومن المسؤول عن تنفيذ قراراتها، وهل فعلا هناك مقاربة للتعامل مع المناطق المنكوبة ، وهل حقوق المواطنات والمواطنين المكفولة بموجب القانون الدولي الانساني في مثل هذه الأوضاع حاضرة في أجندة وفهم دولة المخزن؟
أسئلة كثيرة واجوبتها واضحة، والحلول بسيطة ولا تتطلب الا الإرادة والقرار السياسي الشفاف والواضح.