أراد التلفزيون أن يقوم بالتفاتة رمزية إتجاه بعض الأحزاب الصغرى جدا لكي يشركهم في تقييم عمل الحكومة. كان ذلك خلال النشرة المسائية للقناة الأولى يوم الإثنين 27 يونيو. التقرير كان خفيفا كمادة إعلامية تستحق المشاهدة. لو برمج هذا التقرير خارج موعد النشرة الإخبارية لما أطلع عليه غير عدد قليل من المشاهدين. كتب علينا منذ بضع سنين خلت ابتلاء بأحزاب لا نكاد نحتفظ في ذاكرتنا بأسمائها و شعاراتها الانتخابية. سماها البعض دكاكين يتم تنشيطها خلال الحملات الانتخابية و الكثير لا يعيرها أي إهتمام. و تشهد ردهات البرلمان بغرفتيه على عدم تسجيل أي حضور لها.
عدد الأحزاب ببلادنا يتجاوز الثلاثين و لا يسجل الحضور في المؤسسات المنتخبة إلا عدد قليل من هذا الحجم الكبير. خلال التقرير الإخباري للتلفزة المغربية ظهرت خمسة وجوه تمثل خمسة أحزاب. علامات الكبر و تأثير السن المتقدمة على القدرة على الكلام بدت واضحة من خلال نبرات الصوت و القدرة على التحليل للأشهر الثمانية من عمر حكومة ولدت و ترعرعت في ظل مخاض يزداد كل يوم. الأحزاب الخمسة لم نسمع عنها أي شيء منذ الانتخابات الأخيرة. ثقل السنين بدا واضحا على نبرات صوت الرؤساء الزعماء الامناء العامين.
هناك كثير من الجهد يتطلبه العمل من أجل عقلنة الحقل الحزبي بالمغرب. و أول متطلبات هذا الجهد هو إقفال الدكاكين الانتخابية من طرف من فتحوها. صحيح أن قرارا من هذا النوع يحتاج إلى كثير من الوعي و التضحية بمصالح حفنة من الاتباع تنفخ في شخصية الزعيم وتزين له مستقبلا بألوان زاهية و ربما قد تخسر بعض الفتات التي تعودت على اعتباره كرزق ساقه مضمار يصعب فهمه على عامة الناس و بالطبع حتى على خاصتهم. أما ثاني القرارات فتهم تعديل قانون الأحزاب لكي يسهم في الحد من ظاهرة الدكاكين الانتخابية من خلال شروط تتعدى الشكلية لتنفذ إلى مدى حضور الحزب عمليا و في الميدان و بإستمرار. و كل ما سبق لا يعني أن تقييم عمل الحكومة ليس حقا لكل المؤسسات السياسية و النقابية و حتى تلك التي تعمل في حقل المجتمع المدني