لا يجادل أحد في إيجابية الخطوات التي نهجتها بسرعة الحكومة المغربية و السلطات المخزنية لإحتواء فيروس كورونا و للحد من خطورته الفتاكة، كما أننا نثمن كل المجهودات المبذولة يوميا من رجال الطب و الصيدلة و رجال الجندية والدرك والامن و القوات المساعدة، دون ان ننسى دور الإعلام في تحسيس و توعية المواطنين و حثهم على المكوث في منازلهم.
نعم انصاع الكل للأوامر العليا المملاة انطلاقا من القصر الملكي و التزمت الأغلبية ببيوتها راجية السلامة و النجاة من هذه الجائحة العارضة.
هذا الكل مشكل من عدة أطياف و تلاوين، اجتماعية، ثقافية، سياسية، منهم الاغنياء و منهم الفقراء، منهم من تجند قبليا، فعبأ ذخيرته الغذائية و اطمأن على قوته و قوت عياله، ومنه من خزن فقط بعض الفتات الذي سوف لن يكفيه حتى لأسبوع كامل.
أربط هنا كلامي بفئة من الناس تعد طالبة قوت يومي لا غير، التي منها طبقة كبيرة من المياومين و العمال و المستخدمين الذين لا يتوفرون على أية عقود او ضمانات قد تكفل لهم الحصول على تعويض محتمل كما قيل بعد مرور هذه الضائقة المالية التي نزلت عليهم كالصاعقة.
كما أعرف العديد من الأفراد والعناصر الذين يشتغلون بالمقاهي و المطاعم و بالحمامات و في قطاع البناء و النجارة و الصباغة…و أعرف بعضا ممن يشتغل بمدارس و اكاديميات كرة القدم و الذين يستلمون رواتبهم الهزيلة انطلاقا من انخراطات الممارسين الشهرية…وهناك عدة مهن حرة تمارس يوميا و لا يتحصل صاحبها على قوته إلا مما يبيعه في يومه.
أظن أن المعنى واضح والمقصود جلي و لا داعي لسرد الكثير من الامثلة للتأكيد على أنه لحد كتابة هذه السطور يوجد من يئن تحت وطأة الحاجة و يذوب هو و أبناؤه تحت أثر الفاقة، لا يجد من يمده بمعونة مادية او عينية بل هناك من لا يجد حتى من يسأل عنه و لو بالهاتف.
ما غفلت عنه الدولة و القيادات الحكومية هو توفير المؤونة المجانية للفئة المسحوقة و إيجاد حلول عملية و سريعة لتوصيلها لهم على أرض الواقع بمنطق سلم و استلم. فليس خاف على الحكومة ان أغلب المغاربة فقراء و أن هؤلاء الفقراء ليس لهم اكتفاء ذاتي حتى ليوم، فمن أين سيدبر حاجياته الغذائية لشهر كامل، مدة الحجر الصحي المفروض عليه، وإلى من سيلجأ في غياب حل سريع وفعال.
الفقراء في حاجة ماسة اليوم قبل الغد لملء بطونهم الملتصقة و ليس للشعارات الفضفاضة و الوعود المؤجلة و الكلام المبهم.
كما أنهم لا يريدون غناء المغنين التافهين لأنه لا يغني و لا يسمن من جوع.
الفقراء والمساكين الأبيون لا يمثلون و لا يستدرون العطف و لا يسألون الناس إلحافا و لو كانت بهم خصاصة و لكن يرجون أخذ حقهم في الغذاء و نصيبهم في العيش الكريم بكامل عفتهم و كرامتهم.
في انتظار الذي يأتي أو لا يأتي المطلوب من الإخوة المغاربة ان يلتفتوا لبعضهم البعض ، ان يسأل الجار عن جاره و الصديق عن صديقه و القريب عن قريبه، فالتآزر و التضامن يجب ان يكون حاضرا بيننا في هذه الظرفية الحساسة.
لا سبيل لإنقاذ أفواه شاغرة و بطون فارغة الا من اهل الخير و الاحسان بيننا و ذوي الاريحية الذين تتحرك أفئدتهم نحو فعل الجميل و المعروف. لا يحس بالمسلم إلا المسلم و لا يشعر بالأخ إلا الأخ.
الفقراء أحباب الله و رسوله محمد و هم من ناصروه سرا و علانية و هم من سيدخل الجنة في البداية، فرجاء أن ننصر هذه الطبقة المستضعفة، رجاءً ان نكون معهم في الموعد حكومة و شعبا، مؤسسات و أفرادا.
نور الدين عقاني / سطات