َخصص نظام الجنيرالات 32 مليون دولار، على اقل تقدير، لتنظيم استعراض عسكري في ذكرى استقلال الجزائر.
الاستعراض، الذي لم ينظم مند 1989 بسبب الحرب الاهلية التي اندلعت بالجزائر، شكل بالنسبة للحاكم الفعلي شنقريحة، الذي رقى نفسه بالمناسبة، فرصة لتاكيد الطابع العسكري للنظام الجزائري ولمقولة ان للعسكر دولة في الجزائر وليس العكس، و بالتالي محو ماكان بوتفليقة قد قام به لاضعاف هذه الهيمنة بالاعتماد على الجنيرال كايد صالح الذي انقلب عليه وعلى اخيه.
رسالة هذا الاستعراض موجهة بالاساس للجزائريين قصد اقناعهم بان النظام العسكري هو الوحيد الممكن وان دعاوي الدولة المدنية لا مستقبل لها في هذا البلد، وهي نفس الرسالة التي يمررها اعلام جزائري مكلف بمهمة غسل الدماغ و اظهار الجنيرال شنقريحة في صورة القوة الضاربة، رغم ان الرجل بلغ من العمر عتيا وبات لا يحبس بولته، والمنقذ من الضلال، مادام تبون لم يستطع الاقناع بانه قادر على تجاوز شخصية موظف مكلف بمهمة من طرف الجنيرالات.
ذلك ان الاستعراض، كما يعرف منظموه الحقيقيون، لا يمكن ان يخيف احدا او يثير احدا خارج الجزائر، وفي الجزائر نفسها يعرف الكثيرون ان استظهار القوة لا يعني ان مستظهريها اقوى بما يكفي لمواجهة مختلف الوضعيات داخليا، فاحرى خارجيا.
الجزائر تجتر الانقلاب الذي دبر في صيف 1962 ضد الحكومةالجزائرية المؤقتة، بعد ان دخل جيش الحدود بقيادة بومدين دخول غزاة جدد حلوا محل الاستعمار الفرنسي واسال دماء مقاومي الداخل وفرض علىى عدد من القيادات الوطنية الهرب الى المنافيي او الركون للصمت، لان من قتلوا كريم بلقاسم واحمد خيضر كان ممكنا ان يقتلوا كل من يعارض مسعاهم لبناء نظام. العسكر، الفاشل دائما.
لكن اجترار الانقلاب الاول، الذي لم. يكن انقلاب 1965 الا امتدادا له، لا يفسر لوحده هذا الاستعراض الموجه لتخويف الداخل، اذ ان الجزائر لم تخرج بعد من تبعات العشرية السوداء، التي تبقى حاضرة بجرائمها المرتكبة من طرف من يحكمون اليوم في ذاكرة الاجيال الحالية ووعيها ولاوعيها، وهذا مايتطلب وقفة خاصة .