آخر الأخبار

استقلال  السلطة القضائية ثمرة نضال طويل  ومرير لكل القوى السياسية  والحقوقية بالمغرب

اعتبر عبد الصادق السعيدي الكاتب العام لودادية موظفي  العدل ، أن ما خلفته مصادقة مجلس النواب في جلسة عامة على مشروع قانون التنظيم القضائي، من نقاشات حادة ، قبل أن يطالب البعض بإحالته على أعلى هيأة  للمراقبة، باعتبار أن بعض مواده تمس باستقلال  السلطة  القضائية، نقاشا طبيعيا، مشيرا إلى أنه ستليه نقاشات  أخرى  اكثر جدية  ليس فقط حول مشروع التنظيم  القضائي  ولكنه سيشمل مختلف  القوانين سواء بمناسبة المصادقة  عليها أو بمناسبة  تنزيلها، أو تعلق الأمر بمشروع المسطرة المدنية أو بإعادة  هيكلة المحاكم بما يحقق التوازن بين العمل القضائي والعمل الإداري المسطري او غيرها ، ليس فقط لأننا  في مرحلة انتقالية تأسيسية تستلزم  رسم قطائع من  طبيعة ايستمولوجية مع ترسبات  الوعي المهني  المتأخر الذي يلاحقنا كمكونات  لأسباب تاريخية وثقافية ولكن أيضا  لعدم قدرتنا على تملك الجرأة  الكافية  لتحديد  ماهية  الصراع القائم  هل يكتسي طابعا  ثقافيا أم هوياتيا أو مصالحيا او فئويا ، هل هو صراع على السلطة أو بسط  السيطرة، هل هو صراع  مجموعات  وهو صراع ليس وليد اللحظة  غير أنه يأخد أبعادا  أكثر تجليا  ووضعا أكثر تعقيدا في لحظة كهذه.

و أكد عبد الصادق السعيدي على أن استقلال  السلطة القضائية  اختيار استراتيجي  للدولة  وثمرة نضال طويل  ومرير لكل القوى السياسية  والحقوقية المغربية والملك ضامن  لاستقلال  السلطة  القضائية  كما ينص دستور المملكة وله من الضمانات  ما يستحيل معه أن يهدده منصب إداري كل هذه الضمانات  تجعل سؤال  التوجس غير مبني  على أي أساس .

و أبرز السعيدي ، أنه بمجرد  التفكير  في إحالة قانون  التنظيم القضائي على المحكمة الدستورية  بعد كل هذا  المسار الذي قطعة يثير أسئلة من طبيعة سياسية وأخلاقية فلطالما دافعنا  في أدبياتنا  المشتركة  في النقابة الديمقراطية للعدل ووداية موظفي العدل وخلال ترافعنا  أمام العديد  من الفاعلين  والمتدخلين  في الحقل القضائي  على مبدأ  ربط إصلاح القضاء بغايته، حيث تكون شرعية  أي إجراء  إصلاحي مرتبطة بمدى تفاعله  مع الغاية الشاملة التي هي تقديم خدمة قضائية جيدة  وفعالة للمواطن المغربي وعلى ضرورة أن تسمو هذه الغاية  فوق كل الاعتبارات  والمصالح الفئوية ذلك ان مبادئ استقلال القضاء  ونزاهته  ونجاعته ليس غاية في ذاتها ولا امتيازا لجهة بعينها بقدر ما هي وسيلة لحماية الحقوق وبناية دولة القانون  وبالتالي ما نلاحظه اليوم من حصر للنقاش  وتركيزه سياسيا  وإعلاميا في بعض المواد التي  يتوجس منها البعض ليس جديدا  بل هو امتداد لكل النقاش  الذي صاحب موضوع  الإصلاح وحصره في القضايا الشكلية المرتبطة ببناء السلطة القضائية وأجهزتها  وامتيازات  وسلطات هذه الفئة أو تلك  وتبعية  جهازها   لهذه المؤسسة أو تلك، وهو ما اعتبرناه  دوما  مؤشرا على تحريف النقاش ومحاولة الالتفاف على غاياته  فمهما بلغت درجة أهمية بناء  السلطة القضائية  كبنية مؤسساتية فان الغاية الأهم والأسمى يجب أن تظل هي تجويد الخدمة  القضائية بغية استرجاع  ثقة المجتمع  المفقودة  في المؤسسات القضائية.

و أضاف الكاتب العام لودادية موظفي العدل ، أنه رغم ما يمكن ن نعاينه  من نتائج سلبية فورية  عن هذا التوتر فله أهميته المرحلية كضرورة  لخلق دينامية وحيوية إذا ما تمت إدارته بشكل سليم وكان هناك  إلمام بتقنيات  تدبيره وتمت إحاطته  بسياقاته  التداولية  والموضوعية  والعقلانية  تحصينا  له من الانزلاق إلى ساحة السجال الفئوي  الذي قد يساهم في حده التوتر  مما قد تكون له عواقب سلبية او حتى دراماتيكية  أحيانا  على السلم الاجتماعي بالقطاع مما قد  يؤدي إلى إضعاف المؤسسة  بكاملها  حيث ستستفحل الظواهر  السلبية  المعرقلة  للسير العادي،  أن المرحلة  في أمس الحاجة  إلى خلق نموذج  مبني أساسا على   الاعتراف الجماعي بضرورة  توزيع  الموارد والالتزام بالحوار البناء والتفاوض  وتهيئة مناخ يفضي الى التواصل  الجيد يتلاءم والطبيعة  المتنوعة للقطاع ولتحقيق ذلك  لابد من بناء استراتيجية فعالة تمكن من حسن إدارة الصراع  وهو ما يتطلب من جميع المكونات  القضائية  والفاعلين القيام بجهد معرفي للإحاطة والوعي  بمختلف  الإشكاليات  والعوامل  الموجهة والفاعلة  في هذه الظاهرة سواء الموضوعية منها أو الذاتية للشروع في تأسيس ثقافة  الحوار  والتعايش  بين مكونات أسرة العدالة وهو مالا يمكن تحقيقه دون استيعاب  لنسق التحولات السياسية والحقوقية والثقافية والاجتماعية  التي اعترت  البيئة  الداخلية والخارجية  لقطاع العدالة  وتأثيراتها  المختلفة . كل هذه  التحولات تصطدم ببنية  إدارة تقليدية وبغياب مؤسسات الحوار  المهني  يستوعب التمثيليات والتنظيمات  المختلفة .

إن عدم إدراك حجم ونوع  كل هذه  التحولات  والمعطيات  الواقعية المتفاعلة  معها ـ يقول السعيدي ـ  هو ما يفسر  الحدة في التعبير وبروز منطق الاستقواء واللجوء إلى إعمال آليات خفية  بدل التفكير  في وضع آليات  استراتيجية  لتدبير  التعارضات  والاختلافات  الطبيعية  والحتمية  في القطاع  والتحكم في مستوياتها  ومظاهرها  التعبيرية  وإيجاد بدائل  مؤسساتية للحوار  وطرح وجهات النظر  والرؤى  بشكل عقلاني منتج .