علي بوعبيد يضع الاصبع على جرح عميق، ويطرح اسئلة يتجنب الكثيرون طرحها خوفا او نفاقا.
اجدني متفقا مع عدة افكار واردة في المقال، واعود لما سبق ان طرحته في تدوينة مند مدة: الا نخشى من ان يكون دفاعنا مند زمن بعيد عن استقلال السلطة القضائية قد قاد الى شئ اخر مختلف عن توقعاتنا وعما حدث ويحدث في الدول الديمقراطية او التي تعيش مرحلة انتقال. الدسترة ووجود القوانين ووضع المؤسسات المتطورة والمتلائمة مع المبادئ والمعايير الدولية امور مهمة لكن الرهان عليها لتنتج تلقائيا نتائج ضرب من الوهم، لان الثقافة الموروثة والممارسات الراسخة والمقاومات من طرف فاعلين يعتبرون الاصلاح ضد مصالحهم او خطرا عليها قد تؤدي مجتمعة الى تحويل الاصلاحات الى قطع زينة للتباهي بها امام الزوار. وضمن القوانين والمؤسسات التي تم تبنيها في هذا الاطار تبقى مشكلة استقلالية النيابة العامة قائمة وتطرح اليوم بالحاح، فالعلاقة بين وضع السياسة الجنائية وتنفيذها لايمكن ان تنقطع في بلد مثل بلدنا يخطو بخطى متثاقلة نحو توازن جديد للسلط ، فالنيابة العامة في صيغتها الجديدة تبقى خارج مانص عليه الدستور من ضرورة تقديم الحساب ، والحساب يقدم امام البرلمان او امام الناخبين بشان كل السياسات العمومية والخدمات العمومية، والقضاء خدمة عمومية وتصريف لسياسة عمومية والاستقلالية مطلوبة لتكون جيدة ومتسمة باكبر قدر من النزاهة والحياد بين المتنازعين واكبر قدر من التجرد عن الاهواء والحسابات السياسية واكبر قدر من الاستقامة.
الاصلاحات تنجح عندما تكون هناك ارادة سياسية لانجاحها ومناخ ملائم لنجاحها وثقافة لا تعرقلها ولا تحرفها عن اتجاهها وعن اهدافها المرجوة او المعلنة. نعم لاستقلال القضاء لكن دون ان يعني ذلك الابتعاد عن مفهومه كما تطور وبالاخص في ظل البراديغم الثالث والحالي لدولة القانون وكما اسس له الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان ومبادئ الامم المتحدة.
برافو علي بوعبيد فقد وضعت النقاش العمومي في سكته الصحيحة والقويمة بوضوح.
محمد نجيب كومينة / الرباط