إدريس المغلشي
يعيش المغرب أجواء احتفالات عيد العرش هذه السنة بنكهة خاصة تحمل معها نسمات الحرية لمعتقلي الرأي والصحافيين والتي نعتبرها التفاتة راقيةمرفوقة بعطف مولوي على ابنائه . محطة لاشك أنها حبلى بالانجازات لاينكرها إلا جاحد .لاحظنا كيف استطاع الوطن تحت القيادة الرشيدة ان ينتقل بعدة اوراش من العدم ومجرد افكار ومشاريع على الورق إلى واقع التنفيذ . لعل من جميل الصدف ان يتزامن اكتمال ربع قرن من الزمن ونحن نشاهد البلاد تضم كثير من البنيات التحتية التي أهلتنا لنكسب مراحل مهمة من التنمية من قبيل الطرق السيارة التي لاشك أنها تساهم في الدورة الاقتصادية بشكل كبير وغيرها من أوراش الصناعة المتقدمة والموانئ ومستشفيات جامعية تلبي حاجة الجهات . كلها واجهات تعطي الانطباع للقاصي والداني أننا قطعنا اشواطا مهمة في مسار التنمية .دون ان ننسى الترسانة القانونية بمايحفظ حق المناصفة ويعزز المنظومة الحقوقية والتوجه نحو مجتمع المدنية و الحداثة بما لايتنافى مع شريعتنا السمحاء تحت وصاية وتحكيم الملك الذي صرح في أحدى خطبه أنه لن يحرم حلالا ولن يحلل حراما .
ربع قرن من الاشتغال على عدة واجهات اهمها الديبلوماسية الخارجية التي استطاعت ان تنتزع احترام الجميع وتبوئ بلدنا مركزا مهما سواء على المستوى الافريقي والدولي مستدركة بعدا استراتيجيا في عدم ترك كرسي التمثيلية فارغا ومواجهة اعداء وحدتنا الترابية والتصدي لهم بكل حزم وعزم وقوة .
أجمل بشرى رافقت الاحتفالات بعيد العرش هذه السنة خبر الافراج عن الصحفيين وهي اشارة قوية في اتجاه انفراج مهم عنوانه الأساس مرحلة جديدة من حقوق الانسان باعتبار المغرب ممثلها لدى الأمم المتحدة وخلق جو جديد من حرية الرأي والصحافة .ولعل من غريب الصدف ان يتزامن الحدث الذي احرج كثير من اعداء الوطن المتربصون بوحدته ومساره المتميز ان يشهد الحقل السياسي اعتقالات في صفوف احزاب من الاغلبية والمعارضة وهي اشارة قوية لها ابعاد لاتغيب عن كل متتبع اولا أن الجميع سواسية امام القانون والحال ان الاعتقالات همت برلمانيين ورؤساء جماعات ومجالس اقليمية عدد كبير وغير مسبوق يدفعنا هذا الوضع الى طرح سؤال مهم كيف نبني ثقة مع كيانات غير قادرة على تحصين بنيتها السياسية من اختراقات الفساد ؟ كيف اصبحت الاحزاب تتخلى عن ابنائها ومناضليها وتصبح جاهزة لاستقطاب (صاحب الشكارة) دون البحث والتدقيق في مصادر ثروثه ؟ ان العدد المرتفع للمعتقلين المتهمين بالفساد يسائل اجهزة الرقابة وكيف استطاعوا مراكمة الأموال في غياب أجهزة الدولة ؟ كيف ننتظر بناء وطن باناس استحلوا بدون وجه حق ولا مسوغ قانوني مقدراته ؟
اسئلة كثيرة تثير نقاشا للأسف يبدوانه مغيب عن الساحة في ظل انتشار التفاهة والميوعة .لكن اشارة صاحب الجلالة تروم تأسيس مبدأ المسؤولية المقرونة بالمحاسبة . فإلى متى سيبقى الشعب غير مواكب لهذه الاشارات السامية التي ماتنفك تنبهنا الى اليقظة والوعي والتحري ونحن نسعى لاختيار ممثلينا على الأقل فيما يستقبل من المحطات حتى نؤمن حياة سياسية جديرة بأبنائنا قبل فوات الأوان .
ذ.ادريس المغلشي .