بعد رفض متكرر واجوبة استعلائية غير مقنعة ، واتصالات لم تجد سوى الابواب المغلقة ،وهاتف تصدت له بشراسة العلبة الصوتية حتى انهكته. وبعد استنفاذ كل الفرص والمبادرات التي افضت لرد موجع ياتي بنفس قوة السلوك الارعن ان لم تكن اقوى منه.
في الحقيقة هناك مقالين جديرين بالقراءة في كتابي
” صرخات من اعماق اقبية منسية ” تصف مدى هنجعية بعض المسؤولين ،لهذا لن استرسل في الوصف وساكتفي بان انقل المهم الذي يحمله العنوان وقد لخص مسار كل مسؤول مهما علا شانه او ارتفعت وجاهته او ازداد بطشه وسلطته. فالنهاية واحدة فبقدر درجة العلو ياتي الاندحار او الانحدار .
قرر المكتب الجهوي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم بجهة مراكش تانسيفت الحوز سابقا تنفيذ وقفة احتجاجية تزامنا مع انعقاد المجلس الاداري للاكاديمية اواخر سنة 2010 الذي اشرفت عليه انذاك الوزيرة المنتدبة لطيفة لعبيدة.
كانت الساعة تشير للثالثة بعد الزوال ،يوم شديد الحرارة ،وقد حضر مناضلو ومناضلات المنظمة بانضباط شديد وبالعدد المطلوب . ونحن نهيء للوقفة تلقيت اتصالا هاتفيا من الكتابة الخاصة للسيد المدير طالبا لقاء مستعجلا. تداولنا في الامر وقررنا زيارته لان الاحتجاج في اعراف الفعل النقابي وسيلة وليس غاية. دخلنا على المسؤول المكتب وقد لاحظنا ارتباكا ينذر بنهاية مهامه. حاول في كلامه بتكرار شديد ثنينا عن تنفيذ المحطة دون ان يقدم ضمانات بعدما نبهته شخصيا الا تراجع دون التزام وقد كانت فرصة لتقريعه بكلام يعلم جيدا انني لست مستعدا لاخفائه. فكان اخر كلامه بعدما يئس في محاولاته الفاشلة وتاكد له بما لايدع مجالا للشك اننا ماضون في توقيع نهايته بالجهة ،سرد على مسامعنا هذه القصة العجيبة وكانها خطبة مودع زكت قناعتي الاولى. ان كثيرا من المسؤلين لا يفطنون للفرص الا بعد فواتها مع كامل الاسف. والكيس من التقط الاشارة في وقتها واستثمرها قبل ضياعها. فشرع يحدثنا عن واقعة كالتالي.
قيل والعهدة على الراوي :
ان التهامي لكلاوي كان يعقد كل يوم جمعة جلسة فقهاء امام بيته العامر للتبرك منها ويعتبرها رصيد حصانة لا ينته وصمام امان ضد كل هزة او انقلاب مدبر يتلى الذكر والورد والادعية بعد تناول الوجبة المفضلة للمغاربة “الكسكس ” ومالذ وطاب من الاطعمة . وبينما تهم المجموعة بختم وردها بسيل من الادعية وغيرها من الصنوف التي تستجلب بركة الرزق ومتاع الصحة ودوامها والجاه والسلطان وكلما يستذر العطف وتكثر معه العطايا والهدايا . اوقف الجميع باشارة منه قائلا : اريد منكم ان ترددوا الدعاء التالي :
اللهم اني اسالك يسر نزولي من السلطة واجعله امنا مريحا بلاتعب ولامشقة يارب . فكان سرده للقصة بكل ذاك التشويق وتلك الرمزية المعبرة اشارة قوية للبحث عن مخرج امن وهو يودع المسؤولية فكانت اخر كلماته و اخر لقاء به كما كان اخر حضور له بالمجلس الاداري وقد غادر المنصب بصورة اسقطت هيبة مصطنعة لم تنفعه وقت الشدة . فما احوجنا لاخذ العبر ممن تمسكوا بالكراسي فكان سقوطهم مدويا !
الفطن من غادرها بصورة مشرفة قبل فوات الاوان.
ذ ادريس المغلشي