شنت المديرية العامة للأمن الداخلي الجزائري حملة اعتقالات استهدفت إثنين من كبار الضباط في جهازي الجيش والمخابرات الجزائرية، ما يعكس ملامح “انقلاب” داخل النظام الجزائري، إثر صراعات الأجنحة داخل الجيش، التي انطلقت منذ تصفية الجنرال القايد صلاح. ويتعلق الأمر، وفق معلومات دقيقة توصل إليها موقع “ألجيري بارت” الجزائري، بتوقيف ضابطين قويين ومؤثرين في المخابرات الجزائرية، في إطار التحقيقات التي باشرها المركز الرئيسي للعمليات عنتر التابع للمديرية العامة للأمن الداخلي الجزائرية، التي تعد الفرع الرئيسي لجهاز المخابرات الجزائري.
وكشف موقع “algeriepart” في معلومات حصرية عن اعتقال كلا من اللواء سيدي علي الزمرلي مدير المديرية المركزية لأمن الجيش “DCSA”، وهي المديرية المسؤولة عن جمع المعلومات وتحليلها وتوزيع المعلومات الاستخباراتية على القوات المسلحة وقوات العمليات ومنظمات الدفاع المركزية، إضافة إلى الكولونيل الحسين حميد الملقب بالحسين بولحية، الرجل الثاني بمديرية الوثائق والأمن الخارجي الجزائرية، الجهاز المسؤول عن الاستخبارات الخارجية.
وجاء اعتقال سيد علي ولد الزمرلي، وفق مصادر الموقع الجزائري، بعد إقالته صباح أمس (الأربعاء) من قبل هيئة الأركان العامة للشرطة الوطنية الجزائرية بسبب الشكوك القوية حول تورطه في مؤامرة واسعة النطاق ضد الأمن القومي.
وأوضح الموقع نفسه أن اعتقال اللواء الزمرلي جاء في الساعات التي أعقبت انتهاء مهامه، إذ تم القبض عليه واقتيد إلى ثكنة عنتر لوضعه قيد الاعتقال وإخضاعه لجلسات استماع مطولة من أجل تحديد دوره في هذه المؤامرة، مضيفا أن هذه الأخيرة كان العقل المدبر لها هو شقيقه، العقيد عمر، وهو ضابط سابق متقاعد من DCSA والذي أنشأ منذ بداية عام 2021 شبكة كاملة من الضباط العسكريين، اعتادوا اختطاف التقارير الأمنية وتزييفها والتلاعب بها لغرض وحيد هو إيذاء القادة العسكريين أو المدنيين الذين يشغلون مناصب مهمة في أعلى قمة للسلطة الجزائرية، وفق المصدر نفسه.
وأضاف الموقع الجزائري “ألجيري بارت” أن هذه التقارير المؤذية ضللت مرارا هيئة الأركان العامة للشرطة الوطنية، وغيرها من المؤسسات الأمنية الحكومية الحساسة مثل مديرية التوثيق والأمن الخارجي (DDSE)، والمخابرات الخارجية الجزائرية، نظرًا لأن الملفات الحساسة المتعلقة بالمصالح العليا للدولة قد تعرضت للإفساد بعد إخضاعها، للتقييمات المتغيرة بسبب التلاعبات الفاحشة التي لحقت تحقيقات وكلاء DCSA.
وأشار الموقع نفسه إلى أن اللواء سيد علي ولد الزمرلي كان قد تولى في السابق قيادة DCSA من 2018 حتى 2019 قبل أن تتم إقالته من منصبه من قبل الراحل أحمد قايد صلاح، الرئيس القوي للمؤسسة العسكرية من 2005 حتى 2019، قبل أن يتم استدعا\ه مرة أخرى لقيادة المديرية المركزية لأمن الجيش “DCSA” في مارس 2020.
وتابع الموقع نفسه أن سقوط اللواء الزمرلي فضيحة حقيقية لأنه كان أحد محاور النظام الجديد الذي ظهر في اليوم التالي لوفاة أحمد قايد صلاح في ديسمبر 2019. وقد رُقي إلى رتبة لواء في 4 يوليو 2022.
وكشف المصدر نفسه أن التورط المحتمل للواء سيد علي ولد الزمرلي في هذه المؤامرة الواسعة ضد الأمن القومي يعد الأول من نوعه في تاريخ الجزائر، مرجحا حدوث سلسلة من الاعتقالات والاحتجاز في سجن البليدة العسكري في الأيام المقبلة.
وأفاد الموقع نفسه أن العقيد حسين حميد، الملقب حسين بولحية، يوجد قيد الاعتقال منذ ما قبل يوم الإثنين، وهو ضابط رفيع المستوى في جهاز المخابرات، الذي يوجد هو الآخر رهن الاعتقال في مركز شرطة عنتر. وهو بمثابة الرجل الثاني بمديرية الوثائق والأمن الخارجي الجزائرية، الجهاز المسؤول عن الاستخبارات الخارجية.
وكشف الموقع أن الحسين بولحية هو أحد كبار ضباط المخابرات الجزائرية الأكثر نفوذاً في العامين الماضيين. كان قد ترأس خلية مناهضة التخريب في DDSE منذ ربيع عام 2021 حتى نهاية منصبه في مايو 2022. وكان مسؤولاً عن الاعتقالات التي شنت في حق نشطاء الحراك والمعارضين السياسيين الموجودين في الخارج.
وتأتي هذه الفضيحة بعدما فضيحة سابقة عاشتها الجزائر يوم 14 غشت 2022 بعد تفكيك شبكة من 9 ضباط عسكريين متورطين في مؤامرة واسعة استهدفت الأمن القومي ومستشارين بقصر المرادية وشخصيات أخرى نافذة، بعد سرقة معلومات سرية للتلاعب بها وتزويرها وإبلاغها إلى المدونين والنشطاء لتشويه سمعة كبار الشخصيات في النظام الجزائري.