سعد سرحان
كلما قدم لي أحد الأصدقاء شاعرا انتبه للتو الى حذائه، ليس فقط، لأن الحذاء، يمكن أن يجامل قامة الإنسان و ظله، وإنما أيضا لأن كلما قدم لي أحد الأصدقاء شاعرا أنتبه للتو إلى حذائه ، ليس فقط لأن تحت وليس من فوق . ولقد لاحظت بمرور الشعراء أن الأحادية ليست حسب حدودا جنوبية لخارطة الجسد ، بل إنها تعكس بجلاء مواقف الإنسان تحدد الكثيرين منهم . أن أرتجل بعضا منها : فهناك أحذية صالحة لدرب الجنون وأخرى عابرة للقارات ، وهناك أحذية قابلة للتلميع وأخرى مضادة للكبوات ، وهناك أحذية شراعية وأخرى لركل الحياة بعضهم يقفزون على هذه سوی أن القائمة وغيرها مما هو جدير بشعراء حقيقيين ، ويختارون ، شأن كواعب الموضة ، أحذية بكعوب عالية جدا ، فإذا رؤوسهم مشرئبة جزافا نحو السماء غير مكترثين لأقدامهم التي ابتعدت ، جزافا أيضا ، عن الأرض . ولهؤلاء مواهب أخرى لا تقل فذاذة عن موهبة انتقاء الأحذية ، أهمها موهبة انتباذ المكان المناسب تحت الأضواء ، حيث تستطيل الظلال ، وحيث تؤخذ الصور التذكارية مع الأوهام . لست أعجب لهؤلاء ، لكنى أعجب لبعض النقاد من فصيلة ماسخي الأحذية كيف لم تحالفهم الجرأة ، ولو مرة واحدة ، لاعتبار الكعوب تلك ضربا من المنشطات وثمة شعراء غائصون في طين الحياة من أخمص القدمين إلى أعلى القصيدة .
2022، ط طجج طوهم من دون ظلال قطعا . فكيف السبيل إلى معرفة قاماتهم الحقيقية ؟ بطول قبره ، إذن ، تقاس قامة الشاعر ، وليس بطول ظله . فلتكن للشاعر نعال من الريح ، حتى يكون العابر الهائل حقا ، وحتى تكون له قامة العاصفة ، تلك التي تستحق أن ينحني لها الجميع .