تقوم مراكز الأبحاث في الغرب بدراسات تهمّ كل شيء في حياة الإنسان. ما يصلنا من نتائج تلك الدراسات يثير الإعجاب قبل الدهشة. فجيراننا في الطابق العُلوي من العالم منهمكون تمامًا في حلّ تلك الشبكة الشاسعة من العلاقات التي تربط كل شيء بكل شيء: شرب القهوة بالإنجاب، وأكل البيتزا بالسياقة، وتعلم اللغات بنعومة الشعر، والريّاضة صباحًا بالطّمأنينة مساءً، والنوم المبكّر بالسعادة، وصيد السمك بالنجاح المهني… ولعلّ أغرب علاقة كشفوا عنها حتى الآن هي تلك التي تربط الفراشة بالزلزال.في بلدنا، وفي غيره من البلدان الجنيسة، تتركّز الأبحاث أساسًا عن فرصة شغلٍ، فلُقمة عيش وسلامة بدن. وبين عقد وآخر يتم إحصاء الحظيرة، لتقدير ما يلزم من حبال وأوتاد وعلف… دون التفكير إطلاقًا في تحسين النسل.في غياب دراسات وأبحاث وإحصائيات تربط ما ظهر منّا بما خفي، فنرى أعطابنا لنُجبرها، واعوجاجنا لنقوِّمه، وتقصيرنا لنتداركه… في غياب هذه المرايا البصيرة التي تُرينا كم هي مشروخة وجوهنا، لا نملك إلّا أن نعتمد على أنفسنا، ونسجّل ما لاحظناه بعين السخط المجردة:
84 بالمائة ممّن يتجشّأون أكثر من خمس مرّات في اليوم، يملكون كروشًا تحجب عنهم المستقبل، وترتفع هذه النسبة ب5,4 بالمائة مع التقدم في السن.
28 بالمائة ممّن يملكون عقارات وسيارات وحسابات بنكية… تفوق مجموع ما تقاضوه من رواتب طيلة حياتهم، ليسوا لصوصًا، فاللصوص أصغر منهم بكل تأكيد.
100 بالمائة ممّن لا يحترمون الإشارات الضوئية غير مصابين بعمى الألوان.
83 بالمائة ممّن يمارسن الأيروبيك ويرطّبن حلوقهن بالمياه المعدنية، لا يعرفن أين يوجد سيدي علي بن حمدوش، ولم يسمعن بسيدي علي بوغالب، فأحرى أن يعرفن عن نساء أنفكو.
44 بالمائة من المدخنين الذين يبالغون في أكل الباذنجان يصابون بسرطان القولون.
3 بالمائة مصابون بداء السّكري، أما النسبة المتبقيّة فلا تزال في طور الشّمندر.
28 بالمائة ممّن يدمنون الجلوس في المقاهي يعانون من جحوظ طفيف في العينين، ويتمتّعون بمرونة ملحوظة في الرّقبة.
15 بالمائة ممّن يشترون ثلّاجة في العشر الأوائل من ذي الحجة، يقترضون ثمن أضحية العيد.
3 بالمائة من الأطفال الذين يتناولون وجبات الشاي بوصفها جزءًا لا يتجزّأ من رضا الوالدين، يتزوّجون في بيت الوالدين استكمالًا للرضا.
57 بالمائة ممّن أنجبن أقل من طفل واحد لسن عاقرات.
26 بالمائة ممّن يجتازون الطريق من ممرّ الراجلين يحلمون بالهجرة، و49 بالمائة منهم يفضّلون كندا.
24 بالمائة ممن يجيدون لغة أجنبية واحدة على الأقل لا يستعملون شمبوان ضد القشرة، أمّا متعدّدو الألسن فلا يحتاجون إلى مُليّن.
17 بالمائة ممّن لا يتناولون كفايتهم من الأسماك يعانون من اضطراب في عمل الغدّة الدرقية. النسبة المتبقّية مدينةٌ بسلامتها للملح اليودّي.
21 بالمائة ممّن يحملون السّيوف في وجه المجتمع لم يسبق لهم أن حملوا أقلامًا.
14 بالمائة من المغاربة لا يمارسون أية رياضة، الّلهم إذا اعتبرنا النّميمة والتحرّش رياضتين وطنيّين.
46 بالمائة من المغاربة يتثاءبون في كل الأوقات، وإليهم يرجع الفضل في أن البلد سائر في طريق النوم.
بغضّ النظر عمّا إذا كانت هذه الأرقام غريبة أو مضحكة حتى، فإنها تظل مع ذلك ناصعة مقارنة مع تلك التي اعتمد البنك الدولي في دراسة نشرها مؤخّرًا، تجزم أن المستوى المعيشي للمغاربة حاليّا يعادل نظيره لدى الفرنسيين في منتصف القرن الماضي.يمكنك أيها القارئ الكريم حيثما كنتَ، في الحانة أو في السّويقة، أو في الشارع أو في رأس الدرب، أو في المقهى أو في مثيلاتها من مراكز البحث المنتشرة في البلاد، يمكنك أن تعزّز هذه الأرقام بأخرى من عندك. فأرقامي وأرقامك لن تزحزحها عيون الرضا مهما جحظت.
سعد سرحان / مراكش