صدر حديثا عن منشورات مديرية الوثائق الملكية مؤلف بعنوان “الأندلس تاريخ وحضارة”، من تنسيق وإشراف كل من بهيجة سيمو وحسن حافظي علوي.
ويسلط الكتاب الصادر في مجلدين، الأول بعنوان “التاريخ السياسي” (323 صفحة)، والثاني بعنوان “ا لمجتمع والحضارة” (576 صفحة)، الضوء على محطات عديدة من التاريخ الأندلسي، حيث يكشف عن خصائص هذا التاريخ في تفاعله مع المحيط الإقليمي والدولي، كما يقوم بإعادة قراءة النصوص التاريخية وتوظيف أخرى جديدة، واستغلال نتائج مختلف الدراسات والأبحاث الجامعية ذات الصلة.
ففي جزئه الأول، تطرق المؤلف للعوامل التي ساهمت في انتشار الدين الإسلامي بشبه الجزيرة الإيبيرية، وإلى الازدهار والمكانة الرفيعة التي بلغتها الأندلس في العهد الأموي ومآلاتها بعد نهاية هذا العهد.
كما تطرق إلى عصر الطوائف بالأندلس من الوحدة إلى الانقسام، مرورا بعلاقة المرابطين بالأندلس مفسرا أسباب ودوافع التدخل المرابطي الذي أسفر عن انضمام الأندلس للمرابطين.
وانتقل إلى تقديم قراءة تاريخية في علاقة الأندلس بالموحدين ولمحة حول ظروف تأسيس إمارة بني نصر، ثم دواعي التدخل المريني بالأندلس.
كما أفرد جانبا لعلاقة الأندلس بالدولة المركزية المغربية، حيث ركز المؤلف على الأهمية التي كان يكتسيها مضيق جبل طارق في صراع قشتالة وأراغون من جهة والمرينيين والنصيريين من جهة ثانية، وما عرفه نفوذ المسلمين من تراجع أفضى إلى سقوط غرناطة بعد أن ظلت لقرون عدة نموذجا متفردا في عدة مجالات على المستوى الحضاري.
أما الجزء الثاني، فقد اهتم بالوجه الحضاري للأندلس من خلال تقريب القارئ من مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية للأندلس، وما ميزها من قيم التسامح والتعايش، التي برهنت عن سماحة الإسلام وتكريمه للإنسان بصرف النظر عن عرقه أو لونه أو دينه، كما استعرض المنجزات التي تحققت في تلك الحقبة، حيث ارتقت بالفكر البشري إلى مراتب عليا وساهمت في تثمين الإرث الحضاري والإنساني.
ويغوص هذا الجزء في جوانب من الحياة الاجتماعية للأندلس كأنماط الغذاء واللباس والاحتفالات والأعياد، وفي مقومات الاقتصاد الأندلسي ومرتكزاته من فلاحة وصناعة وتجارة، كما يناقش بإسهاب مجالات الحياة الدينية والثقافية وكيفية تدبيرها.
ويبرز الكتاب النهضة العلمية والفكرية التي بلغت أوجها في الأندلس على مستوى الفلسفة والعلوم التجريبية والعلوم الإنسانية، إلى جانب تطرقه لمراحل تطور الموسيقى والخطوط الأندلسية، كما اهتم الكتاب بعنصري الخط والعمارة بالأندلس، والذين عرفا نهضة غير مسبوقة في تلك الحقبة.