نظام السقي ( الخطارات )
هي عبارة عن أبار متصلة في ما بينها بنفق باطني يصل فيه الماء إلى وجه الأرض بانحدار أخف من انحدار السهل فيسهل جریان المياه على وجه الأرض ثم يتم التحكم في توجيهه بواسطة حفر ممرات متقنة صوب الجهات المعنية بالسقي ، وهكذا أقبل السكان على هذه الطريقة لسقي بساتينهم وقصورهم ودورهم . وتوفير الماء لجميع ساكنة مراكش ، في عهد هذا الأمير الصالح وأحدثت لأول مرة حرفة الخطاطورية ” فيكون لها ممارسون وأمين يشرف على المهنة ويضبط أحوالها ، ويحكم في النزاعات التي تحدث بين صاحب البحرفة والمستفيد من البحار مرة ، وأذكر أن الولي سيدي أحمد الكامل كان من أمناء هذه المهنة وهو دفين الضريح الموجود الآن بشارع حمان الفطواكي حي عرصة المعاش ، كما أذكر آخر أمين هذه الحرفة وهو لجمال الخطاطري . وكان يجالس باشا مراکش التهامي الكلاوي وكانت تحكي عنه مستملحات ونوادر قيمة ، وكان يسكن بدشر تودغة بالقرب من حي الموقف الآن وهو من أقدم أحياء مراكش . وقد حفرت الخطارات بعيدة عن دور السكن والمحلات التجارية التي كانت توجد بوسط المدينة أما المياه فكانت تجلب من الخطارات إلى المنازل والدور بواسطة نظام المعيدة ، والمعيدة عبارة عن بنيان يشبه سارية جوقة بأسفلها بنيت بدقة وإتقان قنوات يتم بواسطتها توجيه المياه إلى الجهة المعنية بالسقي ، ويشرف على العملية أناس لهم دراية بالسقي وتوزيع المياه ، وأذكر أنه كان بحومة زاوية الحضر بدرب سيدي بو عمر ریاض الحاج محمد البرجي يتوفر على نوبة كاملة الحضارة وتعادل نوبة الماء هذه بمدة زمنية تقدر بست ساعات ، يستفيد منها المالك أسبوعيا ، كما كان يشار في رسوم شراء الدور التي تتوفر على مياه الخطارة مقدار الحصة التي كان يشار إليها بالنوبة ، والنوبة تعادل ست ساعات تقريبا في الأسبوع وهذا يؤثر بالطبع علی ثمن المنزل ويرفع من قيمته ، ومازال أثار هذه المعيدات حتى الآن داخل المدينة وللاشارة يوجد درب بحي جنان بن شكرة يسمى درب المعيدة ماء.
السقاية العظيمة
جاء عند دوفردان صاحب تاریخ مراكش في الجزء الأول منه وصفا دقيقا لهذه السقاية العظيمة حيث كانت تقع قرب المسجد الأعظم الذي بناه على تقوى من الله أمير المسلمين علي بن يوسف غير أن بناء السقاية كان قبل بناء المسجد بقليل ، والذي يؤكد هو أن المسجد في أول عهده كان يسمى بمسجد السقاية وكان موقع هذه السقاية أمام الباب الجنوبي للمسجد ، وكانت رائعة الدقة في البناء والزخرف ، وكان ماؤها عذبا وباردا تقدمه للشاربين والمتوضئين ، وكانت الأرض أمام السقاية مبلطة تجنبا للوحل وإيذاء هذا المتوضئين ، وبعد الاستيلاء على مراكش من طرف الموحدين سنة 541 ه -1146 م تم تدمي المعلمة القيمة من طرف أياد بربرية تسيرها عقول عفنة ، وأقيمت فوق أشلائها قسارية أهل فاس وبقيت هذه القيسارية قائمة حتى أواخر سنة 1950 م حيث تم انتشال ما تبقى من هذه السقاية من طرف علماء الآثار . فأزيلت قسارية أهل فاس وأصبح ما تبقى من السقاية مزارا للسياح والمهتمين بالآثار.