أما باردويل فيرى أن انتصار المرابطين في الصحراء ما كان التصارا بالعدد وأن ” أزمة التعمير المرابطي فاق عدد الجمال فيها عدد الرجال فصارت ” الهجرة في سبيل الله ” غزوة هشت بها نفوسهم وعلت بها هممهم ” ، انتهى كلام باردويل أما الكلام المنسوب إلى ابن الأثير فيقول في الموضوع إن القحط هو السبب الرئيسي الذي دفع ابن ياسين الغزو سجلماسة ، ويختتم دوفردان تعليقه بأن ما وقع راجع إلى أسباب توسعية أكثر من أي شيء آخر . والرد على هذه الأقوال الثلاثة المتباينة سيكون كالتالي : لقد تبين من كلام طراس وباردويل أن الرجلين لا يعلمان عن الديانة الإسلامية شيئا فهذا يترتب في كثير من الأحوال عن غير المسلمين لأن غير المسلم لا يفهم معنی الجهاد في سبيل الله ولا معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونصرة الحق وردع الباطل : هذا ما أمر به كل مسلم ينطق بالشهادتين ويجهله غير المسلم الفقير إلى هذه التعاليم الرفيعة والنابعة من صلب الدين الإسلامي الحق ، فقول طراس وباردويل لا يتدخلان ولا ينتصران الأحد إلا من أجل مصلحة نفعية فإن لم توجد مصلحة نفعية غابا ولا يتدخلان أبدا أما ما جاء في الكلام المنسوب إلى ابن الأثير فإنه يدعو إلى الاستغراب ، کیف يغيب عن هذا المؤرخ العظيم أن قبيلتي کدالة ولمتونة توجدان في تخوم الصحراء . وأن القحط وانعدام المطر شيء مألوف عند أهل المناطق الصحراوية وسنوات الخصب هي التي تشكل الاستثناء فكيف لنا أن نتصور أن القحط هو السبب الرئيس في خروجهم إلى سجلماسة وأرجع إلى الأحداث فأقول لما رجع عبد الله بن ياسين بنصف الجيش والعتاد إلى بلاد السوس اجتمعت القبائل المرابطية في أمر من يتولى مكان يحيى بن عمر الكدالي الذي ذهب إلى الجهاد في سبيل الله إلى بلاد السودان فوقع الاختيار على أخيه أبي بكر بن عمر المتوني وكان رجلا من خيرة شباب لمتونة إذ يوصف بالفضل والورع والزهد في مظاهر الدنيا الزائلة ، وتوقه الشديد إلى آلاء الآجلة ، فلما تولى منصبه الجديد جعل على مقدمة الجيش ابن عمه يوسف بن تاشفين وهو من أقوى قواد الجيش وأصلبهم ، فكان لهذا الاختيار وقع عظيم على هذه الدولة الفتية ونفع كبير ، فقد أولى القائد يوسف اهتماما بالغ بها وعمل على تطوير قدراتها العسكرية بالتداريب المتقنة والعالية الدقة على آلات حربية حديثة الابتكار آنذاك ، وكان يراقب بنفسه تلك التداريب باهتمام كبير وما هي إلا عدة أشهر حتى بدأت تظهر قدرته وجاهزيته . غير أن ما أتت به الأخبار عن الصحراء كانت غير سارة إذ تفيد بمقتل یحیی بن عمر بارض السودان ، هذه الأخبار کدرت الجو بصفة عامة في المتونة وكدالة وجعلت أهلها يفكرون في أمر الجهاد في إعلاء كلمة التوحيد والاستمرار في رفع السلاح دفاعا عن هذا الدين . فاجتمعت القبائل تحت رئاسة عبد الله بن ياسين وتقرر فتح جبل درن وبلاد رودة ومدينة شفشاوة ( شيشاوة الآن بقوة السيف ثم جاء الدور على بلاد نفيس وسائر بلاد كدميوة فشاعت أنباء انتصارات المرابطين في كل مكان ، وعلا اسم عبد بن ياسين في جميع أنحاء البلاد ، فوفدت عليه قبائل رجراجة وحاجة فبايعوه على السمع والطاعة ، وكانت هذه الأحداث كلها سنة 448 ھ 1056 م ، فكثر الأنصار والمؤيدون لتوجيهات عبد الله بن ياسين ، فتقرر الاستيلاء على مدينة أغمات وكان يحكمها أميرها القوط بن يوسف المغراوي فنزل عليها جيش المرابطين وحاصرها حصارا شديدا ولما أيقن القوط من انهزامه فر ليلا هو ومن معه من أهله وحشمه إلى تادلة واحتمی بأهل إفرن ملوك سلا وتادلة ، واستولى المرابطون على أغمات وأقاموا فيها شهرين كاملين استجمت الجيوش واستراحت الدواب ، فالتحقوا بتادلة وفتحوها عنوة وقاتلوا من بها من أهل إفرن وكانوا غير مسلمين وظفروا بالقوط بن يوسف المغراوي فقتلوه ، وكان للقوط هذا امرأة آية في الجمال والدها أسماها زينب بنت إسحاق النفزاوية وكانت قبل القوط زوجة ليوسف بن علي بن عبد الرحمان بن وطاس شيخ أوريكة فلما قتل القوط تزوجها أبو بكر بن عمر المتوني وواصل الجيش تقدمه فاستولى على تامسنا وأقام بها عدة أيام ثم أخبر عبد بن ياسين أن بساحل هذه البلاد قبائل برغواطة في جمع كبير وعدد كثير وأنهم ملاحدة ومجوس وأن القضاء عليهم وتطهير الأرض منهم فرض عين .
الإساءة والإحسان في حق من حكم مراكش-9-
الخميس 22 أبريل 2021 - 15:00
حليم السريدي
6601
صوت وصورة
الأحد 15 ديسمبر 2024 - 20:42
التسجيل الكامل لندوة ثقافة حقوق الإنسان : رؤى وشهادات واستشرافات
الأحد 24 نوفمبر 2024 - 15:13
اختتام فعاليات ملتقى “سماع تساوت” الدولي للإنشاد والموسيقى الصوفية بمدينة قلعة السراغنة .
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 18:02
بالفيديو.. المعارضة بأولاد دليم تكشف المستور
الأربعاء 16 أكتوبر 2024 - 20:45
جماعة الكنتور..شهادات صادمة حول وفاة الشاب أيوب ضحية لقمة العيش
الأحد 14 يوليو 2024 - 11:57