يمكن القول بالمختصر المفيد: إن الاتحاد الاشتراكي مستهدف منذ عشرات السنين. غير أن الجهات التي تستهدفه، ليست واحدة على الدوام.
أن يستهدف الحزب من قبل خصومه السياسيين، هذا لا يحمل جديدًا. فهو يستهدفهم، كذلك، في سياساتهم ومشاريعهم ومصالحهم. وهذا لن يشكل عليه خطرا حقيقيا، ما لم يرتكب الحزب أخطاءً كبرى، تبعده عن سنده الحقيقي، وهو جماهير الشعب التي يدافع عن مصالحها الأساسية، في مختلف المنعطفات التي مر بها العمل السياسي في بلادنا.
لكن هناك استهداف آخر، هو أخطر بكثير من الأول، ولو أنه ليس مباشرًا ولا واعيًا في أغلب الأحيان. ويتجلى في انحراف صراعاته الداخلية عن بعدها الصحي الحيوي، الدال على حياة الحزب وحيويته، إلى صراعات ذاتية حول الزعامة، غير المبررة، تارة، وميول انشقاقية، تارة أخرى، وهي، في الأغلب الأعم، وليدة الأولى عندما تصطدم بالطريق المسدود، فيعتقد متزعموعها أن الحل يكمن في الرحيل عن الحزب وإنشاء تنظيم أو حزب جديد، يناصب العداء للحزب الذي انشق عنه، أكثر مما يطرح برنامجًا سياسيًا جديًا وقابلًا للحياة.
خطورة هذا المنحى،أنه يضعف الحزب الأصلي، كما يشل حركة الحزب الوليد الذي تلازمه أمراض النشأة، بدليل تكرارها الدوري بين حقبة وأخرى.
لا يمكن الخروج من هذه الدائرة المفرغة، ما لم يتمكن الحزب من الانتصار على النزعات الذاتية داخله، ومن الانتصار للمشترك بين مكوناته.
فهذه هي أم المعارك، قولًا وفعلًا.
حسن السوسي / لندن