آخر الأخبار

الاتحاد المغربي للشغل ينسحب من جلسة التصويت على قانون الإضراب احتجاجًا على “تقييد الحقوق”

في تطور جديد يعكس توترًا بين النقابات العمالية والحكومة، قرر فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين الانسحاب من جلسة التصويت على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالحق في ممارسة الإضراب، وذلك احتجاجًا على الصيغة التي اعتمدتها لجنة التعليم والشؤون الاجتماعية والثقافية.

وخلال الجلسة، رفع مستشارو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لافتات احتجاجية حملت شعارات منددة بموقف الحكومة، من بينها: “الحكومة أغلقت باب التفاوض حول مشروع قانون الإضراب” و”الحكومة أجهزت على الحق في ممارسة الإضراب”.

وفي تصريح له خلال نقطة نظام، أكد نور الدين سليك، رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، أن النقابة وفريقها البرلماني خاضوا “معركة مناقشة مشروع قانون الإضراب، الذي نعتبره تقييدًا للحق في الإضراب”. وأضاف سليك أنهم عبروا عن مواقفهم “بكل ثبات ومسؤولية”، سواء داخل اللجنة المعنية أو خلال الجلسات العامة.

وأشار سليك إلى أن مشروع القانون التنظيمي يكتسي أهمية كبرى، بل و”قد يرتقي إلى مستوى دستور المملكة”، الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع عام 2011. إلا أنه أعرب عن أسفه لعدم التزام الحكومة، ممثلة في وزير الشغل، بالحوار الجاد مع الحركة النقابية، وخاصة الاتحاد المغربي للشغل، للتوصل إلى “توافق عادل ومنصف”.

وأضاف سليك: “لا يمكننا تزكية هذا النهج الحكومي، الذي يسعى إلى تقييد هذا الحق الأساسي”، مؤكدًا أن قرار الانسحاب جاء “وفاءً لمبادئنا ودفاعًا عن حقوق الطبقة العاملة”، تاركًا للعمال حرية اتخاذ القرار المناسب بشأن هذه القضية.

يأتي هذا الانسحاب في أعقاب مصادقة لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، ليلة الجمعة، على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب. وقد تمت المصادقة بأغلبية 10 أصوات مقابل معارضة 5 مستشارين، بعد مناقشات امتدت لساعات طويلة.

وخلال الاجتماع، تم تقديم 218 تعديلًا همت مختلف مواد المشروع، حيث قبلت الحكومة بعضها ورفضت أو سحبت أخرى، كما تم حذف مواد وإضافة أخرى جديدة.

من جهته، دافع وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، عن القانون الجديد، مؤكدًا أن التصويت على التعديلات كلل “بتحقيق مجموعة من المنجزات”. وأوضح أن الحكومة أوفت بوعودها وتجاوبت مع رغبة الشركاء الاجتماعيين، مما أدى إلى “تحقيق التوازن في هذا القانون”.

وأشار السكوري إلى أن القانون الجديد يتضمن تعريفًا أشمل للإضراب، حيث تم توسيعه ليشمل المصالح غير المباشرة للعمال، والسماح بالإضراب لأسباب معنوية فضلًا عن المادية. كما أكد أن الحق في الإضراب يشمل جميع فئات المجتمع بدون استثناء، بما في ذلك أجراء القطاع الخاص وموظفي القطاع العام والعمال غير الأجراء والعاملات المنزليات.

في المقابل، واصلت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل انتقادها الحاد للقانون، معتبرة أنه “يقيد الحق في الإضراب ويحد من حرية العمال في التعبير عن مطالبهم”. وأكدت الكونفدرالية في بيان لها أن الحكومة “أغلقت باب التفاوض”، مما أدى إلى إصدار قانون لا يعكس تطلعات الطبقة العاملة. كما أشارت إلى أن القانون يفرض قيودًا غير مبررة، مثل اشتراط إخطار مسبق لفترة طويلة، وتحديد فئات عمالية معينة لا يحق لها الإضراب، مما يعتبر انتهاكًا للحقوق الأساسية للعمال.

يبدو أن الخلاف بين الحكومة والنقابات العمالية سيستمر، خاصة في ظل إصرار النقابات على أن القانون يقيد الحقوق الأساسية للعمال، بينما ترى الحكومة أنه ضروري لتحقيق التوازن بين حقوق العمال وحماية المصلحة العامة. وفي ظل هذا الجدل، تبقى قضية الحق في الإضراب واحدة من أبرز الملفات الشائكة التي ستواصل إثارة النقاش في الأوساط السياسية والنقابية بالمغرب.