يستند تعريف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لكل من المعتقل السياسي ومعتقل الرأي على مرجعيتها الدولية ممثلة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وعلى آراء المقررين الأمميين الخاصين، حيث تعرف المعتقل السياسي بأنه ” كل فرد اعتقل بسبب ممارسته السلمية المعارضة للنظام السياسي، بما فيها اللجوء للتظاهر السلمي، وخوض الإضراب عن العمل أو تنظيم اعتصام أو إضراب عن الطعام أو عصيان مدني، أو أي صيغ أخرى تروم التعبير عن رفض أوضاع أو تدابير أو سياسات تهم مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقافية والبيئية، والتي يمكن أن يمارسها الأفراد كما الجماعات”، في حين تعرف معتقل الرأي بأنه “كل فرد اعتقل بسبب تعبيره عن رأيه في أي موضوع كان، سواء أكان الموضوع سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا أو دينيا أو غيره من مجالات الفكر الأخرى”.
والجمعية تعتبر أن المعتقل السياسي، هو في نفس الوقت معتقل رأي، لأنه يتعرض للحجز والتوقيف بسبب انتمائه وآرائه السياسية أو ممارسته السلمية التي يعبر عنها، وبالتالي فليس ثمة فرق بين الاثنين على هذا المستوى، ولهذه الاعتبارات فإن اعتقال أي شخص في إطار هذين الصنفين من المعتقلين، يعتبر اعتقالا تعسفيا، يؤدي إلى الحرمان من الحرية، ويكتسي صيغة تعسفية كلما تم خارج الأحوال والأشكال المنصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
وتفيد خلاصات فريق العمل المكلف بالاعتقال التعسفي المحدث سنة 1991 في آراء صادرة عنه حول بعض المحاكمات ذات الصبغة السياسية، أن اعتقال فرد، حتى لو تم بناء على قرار قضائي، يكون تعسفيا إذا أخل بشروط المحاكمة العادلة، التي ترتكز على عدة ضمانات منصوص عليها في المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ورغم تجريم الدستور المغربي للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فإن التشريع المغربي يتميز بوجود نقص ملحوظ من حيث انعدام الضمانات القانونية، التي من شأنها الحماية ضد ممارسة الاختفاء القسري، أما الاعتقال التعسفي بسبب الرأي السياسي أو غير السياسي، فيغيب من القاموس القانوني المغربي، مما يصعب معه تحديد مفهومه ومضمونه في التشريع المغربي، ومرد ذلك إلى محاولة القانون الجنائي المغربي تجريم الأفعال، التي يرتكبها الخواص بشكل تعسفي أو تلك التي يرتكبها المكلفون بمهمة رسمية، في إطار الشطط في استعمال السلطة دون أن تطال المسؤولية الدولة وأجهزتها.
ومع ذلك، يمكن استكشاف وجود الاعتقال السياسي أو التعسفي من خلال بعض التهم المنصوص عليها في القانون الجنائي المغربي، من قبيل ” المس بأمن الدولة الداخلي والخارجي”، “المس بثوابت الأمة”، ” التظاهر غير المرخص”، ” التجمهر المسلح وغير المسلح”، “الانتماء إلى منظمة غير مرخص لها”، “زعزعة ولاء المواطنين للدولة”، “زعزعة عقيدة مسلم”، “التحريض على العصيان”، “العصيان بواسطة أشخاص مسلحين”، “إهانة رجال القوة العمومية أثناء ممارستهم لمهامهم”، “تعييب منشئات مخصصة للمنفعة العامة”، “التظاهر في الطريق العمومية”.
وعلى الرغم من تنصيصها دستوريا على “تشبتها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا”، وب”جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية”؛ فإن الدولة المغربية ما انفكت تثبت عمليا امعانها في انتهاكها وطنيا، حيث شهدت الحقوق المدنية والسياسية، خلال سنة 2017، ترديا وتراجعا كبيرين، مما يعكس البون الشاسع بين الخطاب الرسمي والممارسات القمعية السلطوية، المتجلية في اللجوء إلى الاعتماد المتزايد على المقاربة القمعية عند التعاطي مع الاحتجاجات السلمية، ومباشرة الاعتقالات والمحاكمات، ومصادرة حرية الرأي والتعبير.
وبهذا الخصوص تسجل الجمعية، حسب متابعتها ورصدها لقضايا الاعتقال السياسي والتعسفي، اتساع دائرته لتشمل المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، ونشطاء الحراك الشعبي بكل من الريف، جرادة، عين تاوجطاط، زاكورة، تنغير، بني ملال، الصويرة، وغيرها من المناطق التي عرفت احتجاجات سلمية للمطالبة بالعديد من الحاجيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما شمل(الاعتقال التعسفي) مناضلي/ات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والحاملين/ات لمعتقدات مخالفة للدين الرسمي للدولة، والنشطاء الحقوقيين الصحراويين، ونشطاء حركة المعطلين حاملي الشهادات، ونشطاء الحركات النقابية كالعمال النقابيين وغيرهم، كما طالت الاعتقالات والاستدعاءات البوليسية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة النشطاء الحقوقيين والسياسيين.
وفي هذا السياق، سجلت الجمعية، الارتفاع المهول لعدد المعتقلين السياسيين ببلادنا، حيث تجاوز ما عرفته سنوات التسعينيات من القرن الماضي، مما يؤشر على أن الدولة لم تقطع مع أساليب الاعتقال والمحاكمات الصورية وتلفيق التهم، وتسييج الحقل السياسي بالممنوعات، ومصادرة الحريات.
كما تابعت الجمعية، بكثير من الانشغال، استمرار معاناة ضحايا سنوات الرصاص المحرومين من حق الإدماج الاجتماعي، والتغطية الصحية، أو من التسوية المنصفة لوضعياتهم الإدارية، بسبب تجاهل أو تماطل الجهات المعنية بتفعيل التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة.
وتابعت الجمعية، أيضا، وضعية ضحايا سنوات الرصاص، فيما يسمى “خارج الأجل”، وضحايا مدرسة هرمومو، وضحايا آخرين منتظمين في مجموعات لازالت تنتظر تسوية وضعيتها الاجتماعية، رغم توفرها على مقررات بالادماج الاجتماعي، وهو ما دفعهم، عدة مرات، إلى خوض صيغ نضالية متعددة لحمل الدولة على الوفاء بالتزاماتها: مذكرة مطلبية، إضرابات عن الطعام، اعتصامات… أمام مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، باعتباره الجهة الموكول لها رسميا متابعة تسوية ملف الضحايا.
الإطار المرجعي لحماية وتعزيز حقوق الانسان وفق المعايير الدولية:
الاعلان العالمي: المواد:(7، 9، 10، 11، 13، 14، 18، 19، 20 و21).
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: المواد:( 9،12، 14، 18، 19، 21، 22، 25، 26 و27).
المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز:
المواد: (من 1 إلى 39) طبقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 35/177 المؤرخ 15 دجنبر 1980، المتعلق بإحداث فريق عمل مفتوح العضوية لغرض حماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن.
إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان: جميع المواد، لاسيما المادة 12 التي تنص على ما يلي:
“لكل فرد الحق في القيام بمفرده وبالاشتراك مع غيره بالمشاركة في الأنشطة السلمية الموجهة ضد انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
تتخذ الدولة كافة التدابير اللازمة التي تكفل حماية السلطات المختصة لكل فرد، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، من أي عنف، أو تهديدات، أو انتقام، أو تمييز ضار فعلا أو قانونا، أو ضغط، أو أي إجراء تعسفي آخر نتيجة لممارسته المشروعة للحقوق المشار إليها في هذا الإعلان.
وفي هذا الصدد يحق لكل فرد، بمفرده وبالاشتراك مع غيره التمتع بالحماية الفعالة بموجب القانون الوطني في مقاومته أو معارضته بوسائل سلمية، للأنشطة والأفعال المنسوبة إلى الدول بما فيها تلك المنسوبة بالتقصير، والتي تؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وكذلك أفعال العنف التي ترتكبها مجموعات أو أفراد، وتؤثر على التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية”.
التشريعات المحلية:
الدستور: الفصل 23 من دستور فاتح يوليوز 2011.
القانون الجنائي: المادتان: 225 و228.
قانون المسطرة الجنائية: المادة الأولى.