جليل طليمات
الإيديولوجيا كرؤية معينة للعالم، كاستشراف لمستقبل مأمول أو موعود، كإطار فكري تصوغ فيه الجماعات والمجتمعات آمالها وقيمها ..هي دائما حية ومرافقة لنا، إنها ضرورة ملازمة للديناميكية التاريخية .
المفكر الراحل ياسين الحافظ ميز بشكل عميق ودقيق بين النظرة الدوغمائية للإيديولوجيا ( وهي المهيمنة ) وبين النظرة المادية التحليلية التركيبية لها : الأولى ترى إلى الواقع باعتباره مشكلا من لونين , أبيض وأسود , وتفصل بين الظاهر والباطن, ولا تفكر الواقع في ديناميته الملموسة والغنية والمعقدة بل تخمنه دفعة واحد ة وبشكل تقريري قطعي يسد كل منافذ الحوار والتساؤل والنقد ..
ودعا المفكر الراحل إلى بناء تصور جديد للواقع يحرر الإيديولوجيا العربية من دوغمائيتها هذه , وبناء إيديولوجيا قادرة على استيعاب الواقع في تعدد ألوانه التي لا حصر لها , وعلى بذل مجهود لبناء وعي مطابق لا انفصال فيه بين الباطن والظاهر, وعي مؤسس على الحقيقة الواقعية لا على الرغبة أو المعتقد .. وبذلك تصبح الإيديولوجيا أو ” الادلوجة” _ كما كتب ع العروي _ ” مفهوما قد يصلح أداة للتحليل السياسي والاجتماعي والتاريخي”
بناء على هذا المختصر, فليس المطلوب نعي الإيديولجيا , وإنما تحريرها من الدوغمائية التي تعكس “وعيا مغلوطا ” بالواقع ,وغفلة عن ديناميكية الحركة التاريخية بكل ما لذلك من مضاعفات وخيمةعلى الفعل السياسي, وراهننا السياسي _ الإنتخابي شاهد على ذلك..