أحال الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش، أخيرا ، على أنظار قاضي التحقيق، بالمحكمة ذاتها، ملف الخروقات التي طالت مجموعة من الصفقات التي أبرمتها المديرية الجهوية للصحة بمراكش في الفترة الممتدة ما بين 2011 و2013.
وكانت الفرقة الجهوية التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية،قد أحالت على أنظار الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش، الملف ذاته، في انتظار الاطلاع على نتائج البحث قبل تكييف التهم وعرض القضية على قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال.
ويذكر أن عناصر الفرقة الجهوية التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، استمعت خلال عملية البحث التي استغرقت أزيد من سنة لموظفين اثنين بالمديرية الجهوية للصحة، ورئيس مصلحة النفقات بخزينة عمالة مراكش بالإضافة إلى كل من الخازن الإقليمي السابق بمراكش ومقاولين، بعد استدعائهم من أجل الاستماع إليهم بخصوص الظروف والملابسات المتعلقة بالصفقات العمومية الخاصة بالمديرية الجهوية للصحة بجهة مراكش آسفي.
وامتدت أبحاث الفرقة الجهوية للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي أشرف عليها محمد عبد النباوي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إلى الصفقات التي أبرمها المركز الاستشفائي الجهوي ابن زهر المتعلقة بالحراسة والنظافة داخل المستشفيات التابعة للمركز الاستشفائي السالف ذكره.
وهي القضية التي ظهرت بعد صدور التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2016، والذي رصد مجموعة من الاختلالات المالية التي شابت بعض الصفقات العمومية الخاصة بالمديرية الجهوية للصحة بجهة مراكش خلال الفترة الممتدة ما بين 2011 و2013، والتي أدى الخازن الإقليمي لعمالة مراكش مستحقاتها لفائدة المقاولات المعنية خارج القانون ودون وجه حق.
وكانت الفرقة الجهوية التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، توصلت بتقرير مفصل بخصوص الخروقات التي طالت مجموعة من الصفقات المتعلقة بصيانة المعدات البيوطبية المتواجدة بمختلف المؤسسات الصحية التابعة لنفوذ المديرية الجهوية للصحة بمراكش، إضافة إلى صفقات وهمية تهم معدات سلمت للمستشفى الجامعي الذي أبرم بالمناسبة صفقات تزامنت مع الصفقات التي أبرمتها المديرية الجهوية للصحة في الفترة نفسها.
وحسب مصادر مطلعة، فإن المديرية الجهوية للصحة بجهة مراكش آسفي قامت بعقد صفقات لمدة ثلاث سنوات كان من المفروض أن تلتزم فيها خلال السنة الأولى فقط بالفترة الممتدة من تاريخ المصادقة على الصفقة، والذي كان يصادف شهر دجنبر، أي بتاريخ 15 من شهر دجنبر، وهو ما يعني أن الشركة التي منحت لها تلك الصفقات يجب أن تعوض عن المدة الممتدة من تاريخ التوصل بالأمر بالقيام بالأشغال التي لا تتجاوز 15 يوما.
وأضافت المصادر نفسها، أن المدير الجهوي للصحة كان يحول المبلغ الكامل للصفقة، أي مبلغ السنة كاملة، وهو ما يعتبر خرقا سافرا للقوانين، مشيرة إلى أن الخازن السابق لمراكش المكلف بمراقبة تصفية النفقة، والذي كان من المفروض فيه رفض أدائها، كان يقوم بتحويل المبلغ كاملا إلى الشركة المحتكرة لتلك الصفقات، حيث تكررت هذه العملية لعدة سنوات.
وكانت غرفة التدقيق والبث في الحسابات التابعة للمجلس الأعلى للحسابات، وجهت رسالة في الموضوع إلى الخازن الإقليمي السابق لعمالة مراكش من أجل تقديم توضيحات في شأن الملاحظات التي أسفر عنها تدقيق الحسابات المتعلقة بالخزينة الإقليمية خلال سنوات 2011، 2012 و2013 تبعا لمقتضيات المادة 31 من القانون رقم 62-99 الخاص بمدونة المحاكم المالية.
وحسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، فإن المندوبية الجهوية للصحة قامت بإبرام صفقات بواسطة سندات الطلب، خاصة بمراقبة جودة المواد المستعملة بمجموعة من المستشفيات لفائدة أحد المختبرات الطبية بلغ مجموعها حوالي 40 مليون سنتيم، غير أنه بالرجوع إلى دفتر التحملات الخاص بهذه الصفقات، تبين أن مراقبة جودة المواد المستعملة تقع على عاتق المختبر الفائز بالصفقة وليس مديرية الصحة، ومع ذلك قام الخازن الإقليمي السابق بأداء مستحقات هذه الخدمات بالرغم من عدم قانونيها.
وسجلت عملية تدقيق الحسابات خلال افتحاص ملفات الصفقات القابلة للتجديد التي أبرمتها المديرية الجهوية للصحة بمراكش، خلال السنة المالية 2011، أن الخازن الإقليمي لمراكش قام بأداء مبالغ مالية مطابقة للمبالغ السنوية الجزافية لهذه الصفقات خلال السنة المالية الأولى لتنفيذها دون الأخذ بعين الاعتبار تواريخ الشروع في تنفيذ الصفقات، في حين أن المدة التي استغرقها تنفيذ هذه الصفقات خلال السنة الأولى الموافقة لإصدار صاحب المشروع لأوامر الشروع في الخدمة، لم تتجاوز في أقصى الحالات الشهرين.
وخلص تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى أن مجموع المبالغ المالية التي أداها الخازن الإقليمي خارج القانون والتي تهم ثلاث صفقات بلغ قرابة 220 مليون سنتيم، في حين أن قيمة الخدمات المقدمة فعليا خلال شهرين لا يتجاوز مجموعها 31 مليون سنتيم.