اذا سارت الامور على النحو الذي تسير عليه، فان مدير الكنوبس سيحول التغطية الصحية للموظفين الى مايشبه “راميد” حاليا، فقد استعمل مبرر فساد التعاضدية العامة وغيرها وغش عدد من المصحات وقبلها بعض مختبرات التحاليل ليجهز على حقوق مكتسبة ويجعل الولوج للعلاج معقدا. بل جعل المرضى بالامراض المزمنة الباهضة عرضة للموت بعدما عمل على تصفية الصيدلية المركزية استجابة لضغوط لوبي صيدلي مصلحي لاتاخذه شفقة ولا رحمة بالناس، وعطل فعليا علاج الاسنان في المصحة التعاضدية التابعة للتعاضدية العامة بمنعه الطواقم بها.
مرضت مؤخرا ومازلت، وان كنت من النوع الذي يكابر، واحتجت لفحوص بالاشعة وتحليلات لمعرفة خطورة المرض الذي كاد يضع حول عنقي حبل المشنقة، وحين اجريت الحساب وجدت ان المبالغ المطلوبة لذلك تتجاوز قدراتي، وتذكرت ان لي تغطية صحية لدى الكنوبس، لكنها لاتصلح لاي شئ، اذ علي ان ادفع وانتظر. وانا من النوع لايدفع في العاديات لا الاستشارات الطبية ولا الادوية ولا النظارات، بينما يتم الاقتطاع من دخلي بدون انقطاع. هكذا قررت التعايش مع المرض والالم الى ان ياخد الله الحق فيمن اختاروا نهجا تدبيريا يلائم مصالحهم وتعويضاتهم السخية.
في البلدان التي تحترم فيها كرامة المواطن وحقوقه، خصوصا وانه يؤدي في اطار تضامني تعريفا، يمكن للمريض الحامل لبطاقة التغطية الصحية ان يحظى باستشارات طبية وفحوص بالاشعة وتحليلات طبية وغيرها مجانا، او يدفع الفارق فقط في حال مااذا كانت نسبة التغطية لاتصل الى 100في المائة، لكن هنا يتحكم في كل شئ مدير يمنع كما يشاء ويسمح عندما يشاء، ويستقوي بكونه استفاد من قبل من شهادة لترانسبارونسي و….، ويهمه نجاحه الشخصي، وينسى مفتش وزارة المالية انه مكلف بتدبير اموال العموم وليس ماله الخاص او المال العام، وان المبدا في العمل التعاضدي، كاحد المكونات الرئيسية للاقتصاد التضامني، هو المشاركة والديمقراطية وليس البيروقراطية المقيتة التي يمكن له ممارستها في ادارته الاصلية ان وجد لذلك سبيلا. انه يقتلني.
وهذا فساد اسوا من فساد الاجهزة التعاضدية، وبالاخص التعاضدية العامة التي كانت معاملة رئيسها السابق مشجعة للاحق.
الصديق رضوان الرغاي، احد اطر الدولة العليا في وقت سابق والمناضل الاتحادي السابق، فاجاني في تدوينته انه حتى العمليات الجراحية المفروض ان يغطي لكنوبس كلفتها بالكامل لم تعد كذلك، وهذا ما يعني ان مغرب العهد الجديد، مغرب حكومة الكفاءات التي يسيطر عليها الملايرية وتخدم مصالح الملايرية، هو مغرب القتل غير الرحيم للمرضى، فالصديق رضوان قادر على تمويل عمليته، لكن هناك من سيقول لابنائه فكروا في القبر مادام الامر قد صار هكذا، فقد يكون اقل كلفة من العلاج
هل يعتقد المسؤولون في هذا البلد انهم يحكمون شعبا من “الضبوعة” الذين لايفهمون او شعبا من السذج الذين تذهب بفطنتهم خطب بلا روح ولا علاقة بالارض.
بعد دستور 2011، اعتقد الكثيرون ان الهزة كانت كافية ليفهم المقررون ان زمن الحكرة والتلاعب بالعقول انتهى وان البلد، كبقية العالم، دخلت مرحلة تحول، لكنه تبين ان هؤلاء لايفكرون الا في ثرواثهم التي تنتفخ سنة بعد اخرى وانهم مقتنعين ان الليبرالية المتوحشة معممة هي مايلائمهم.
كيقتلوا فينا.
محمد نجيب كومينة / الرباط