الحق في الصحة ومواجهة الجائحة
رغم ان مراكش تحتضن مستشفى جامعي ومركزا للانكولوجا وكلية للطب تابعة لجامعة القاضي عياض، وكلية خاصة للطب، ومدارس عمومية لتكوين الممرضات والممرضين واخرى خصوصية، ورغم احتضانها لبنية فندقية اهلتها لاحتضان العديد من التظاهرات والملتقيات الدولية كالكوب 22،والمؤتمر الدولي لحقوق الانسان وغيرهما من المهرجانات، ووضع مرات متعددة في نطاق المدن التي يمكن ان تحتضن مباريات كرة القدم الدولية غي حالة تنظيم كأس العالم، وتوفرها على 18 ملعب للكولف، فإنها بدت اول مدينة انهارت بنيتها الصحية في ظل جائحة كوليد 19، وظهر العجز بعد رفع الحجر الصحي وظهور انتشار الاصابات في بعض احياء المدينة وعدم قدرة المستشفيات على التكفل بالمرضى خاصة مع عودة مستشفى الرازي بالمركز الإستشفائي الجامعي لأعماله الاعتيادية وايضا ومباشرة مستشفى ابن طفيل لأشغاله الخاصة بباقي المرضى خارج كوفيد 19.
هذا الانهيار فضح هشاشة البنيات المخصصة للتكفل بالمصابين بالفيروس ، وضعف ان لم نقل محدودية وانعدام التجهيزات بما فيها تلك المتعلقة بالانعاش والأكسجين ومعدات تحليلات الكشف PCR، كما كشفت عن اهتراء البنايات واعطاب بعض التجهيزات خاصة بمستشفى ابن زهر والانطاكي. وظهر خلال شهري غشت وما بعده ان السياسة الصحية لمواجهة الجائحة تفتقد للجدية والنجاعة ،وان التوقعات غير العلمية والبعيدة عن المؤشرات الميدانية وعدم الاهتمام بتوجيهات منظمة الصحة العالمية، وتعطيل خبراء الصحة بالبلاد وتغييبهم قسرا كما غيبت اللجن العلمية، والتقاعس في تأهيل المنظومة الصحية خلال فترة الحجر الصحي واثناء انخفاض معدلات الاصابة، كلها عوامل سرعت بالانهيار حتى اصبحت مراكش غير قادرة على تأمين ابسط شروط التكفل بالمصابين، وانفجرت فضيحة المامونية وما يسمى بالعلاج المنزلي الذي اصبح احد الاسباب لانتشار الوباء.
ورغم التحذيرات فان تدخل الوزارة كان متأخرا واعتمد اسلوب الترقيع واثقال كاهل الاطر الصحية بما فيهم الأطباء المقيمين والداخليين واطر التمريض. وسجلت الجمعية ارتجالية واضحة لتعامل مندوبية وزارة الصحة وادارة المستشفى الجامعي في تدبير الازمة وعدم التنسيق بينهما، ومن نتائج ذلك:
ـ غياب المعلومة بالتفصيل لحد الساعة فيما يتعلق بالوضع الوبائي بالمدينة منذ يوليوز 2020باستثناء الارقام المعلن عنها من طرف الوزارة.
ـ عدم الافصاح عن الحالات النشيطة التي تتلقى العلاج بالمستشفيات بما فيها المستشفى الميداني ببنكرير.
ـ عدم الكشف عن حجم الوفيات خاصة ان هناك معطيات تشير الى تجاوزها المعدل الوطني بكثير.
ـ ترك المواطنات والمواطنين في مواجهة مكشوفة مع الفيروس، باللجوء للقطاع الخاص لإجراء السكانير او فقط للصيدليات لشراء الادوية واعتماد العلاج المنزلي.
ـ تغول القطاع الخاص والذي طالما اطربتنا الجهات المسؤولة عن استعداده للانخراط في دعم مجهود الدولة لمواجهة الجائحة، والتطبيل لما يسمى الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص.
ومنذ بداية الجائحة وحتى قبلها اي في نونب 2019 قدمت الجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع المنارة مراكش ،مذكرة مطلبية للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش وعقدت لقاء مطولا مع مديره ومساعديه لإثارة انتباههم لعدة اشكالات تعيق اعمال الحق في الصحة وتسجيل الولوج للعلاج والحصول على الدواء، وكانت مفاجأتنا كبيرة حين تم تأكيد ادارة المستشفى على عدم اجراء صفقة الادوية لسنة 2019 لأسباب ادارية.
بمعنى دخلت مستشفيات المدينة التي يهيمن عليها الصنف الاول من المستشفيات معطوبة في مواجهة الجائحة وهذا ما تأكد في غياب ابسط ادوات العمل خاصة المستلزمات المتعلقة بالوقاية من الوباء وسط الاطر الصحية بمختلف مستوياتها.
ومنذ مارس 2020 لم تكف الجمعية عن المطالبة بإصلاح المنظومة الصحية المعطوبة، والإسراع بتوفير العلاج والاستشفاء والتكفل بباقي المرضى خارج كوفيد 19، لوقف معاناتهم مع المرض، وإعادة هيكلة المستشفيات.
وواكبت بدقة الوضع الصحي بانشغال كبير، ونبهت مرات متعددة إلى الخصاص المهول والوضعية الصعبة التي يشتغل فيها الأطر الصحية، وتآكل بعض البنيات الاستشفائية وعجز القطاع عن الاستجابة للخدمات الصحية للمواطنات والمواطنين في الظروف العادية، فما بالك بالظرفية الطارئة.
وسارع الفرع إلى المطالبة بحماية الأطر الصحية وباقي شغيلة القطاع، بتمكينها من المستلزمات والأدوات الطبية والبيوطبية وحل مشكل الإقامة والتنقل وغيرها من الإجراءات المرتبطة بمكافحة الوباء.