قم للمعلم وفه التنكيلا كاد المعلم أن يكون حيوانا.
هذا هو التحوير المزيف للبيت الشعري الشهير على ضوء الصور المقيتة و المستفزة التي تقاطرت علينا مؤخرا من مختلف النوافذ الإعلامية و الصورة المرفقة هنا خير دليل.
الصورة لها دلالات عميقة و لها معاني نافذة،فهي تلخص لمآل مهنة التعليم في هذا الزمن البئيس الذي تجدرت فيه كل مظاهر العبودية و الانبطاح لما كل هو مادي صرف، المهنة المتعبة التي كان لها الشأن العظيم فجر الاستقلال و حتى قبله تحولت في مطلع العشريتين الاخيرتين إلى أسوأ و أحقر المهن و الوظائف بفعل تكالب العديد من المتغيرات التي طرأت على هذا القطاع.
فكما نعلم أنه من أساسيات بناء مجتمع سليم و حداثي فلا بد من تعليم وصحة و تشغيل و سكن لضمان عيش كريم، و يحتل مجال التعليم المقدمة لأن بواسطته تتحقق المجالات الأخرى تباعا، و نعلم أيضا أن هذا القطاع هو الذي يأتي على رأس الاهتمامات الأساسية لدى الأمم الراقية بل و حتى بعض البلدان النامية، و كلنا يشهد و يشاهد التحولات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية عند بعض الدول الإفريقية مؤخرا كأثيوبيا و رواندا و بوتسوانا و زيمبابوي بفعل التركيز على إصلاح منظومة التعليم أولا و تانيا و ثالثا.
لكن في بلدنا السعيد ما إن يحاول هذا القطاع أن يستجمع قواه و ينهض من جديد حتى تأتيه الضربات الموجعة من هنا و من هناك، و ما إن يحاول تجريب نفسه هل ما زالت لديه كرامة أم لا حتى تنهال عليه العصي و الهراوات من كل حدب و صوب.
المشاهد التي نعاينها خصوصا في وسائل التواصل الاجتماعي لا تشرف بلدنا الحبيب و لا تليق بالصورة و الانطباع الذي رسخناه في مخيلة الآخرين خارج حدودنا، فأن يتحول المعلم المطالب بحقوق مشروعة لدابة يجرب فيها كل أنواع الركل و الضرب و تستعمل ضدها كل أشكال الشتائم المهينة و الألفاظ النابية و أن يصير المعلم مدرجا بدماء منبعثة من رأسه أو من أنحاء جسمه فهذا قمة الإذلال و قمة التنكر لعطاء مهنة أخرجت للوجود دكاترة و أطباء و محامين و قضاة و مهندسين و عسكريين و أمنيين…
بهذه المقاربة الأمنية الأخيرة و ليست الآخرة نستنتج أننا لن نصل لمصاف الدول العظيمة التي تهتم بالإنسان و التي تولي عناية كبيرة لأشرف مهنة في الكون و التي أوصانا بها خير الأنام و قبله رب السماوات والارض. فالمعلم ليس حيوانا لا يعلم و لا ينطق.
الله سبحانه و تعالى خالق القلم و منزل سورة القلم المبتدئة بفعل إقرأ لا ينطق عن الهوى .
نستنبط مما سبق أن للمعلم و للتعليم و للعلم مكانة رفيعة عند آلله عز وجل و علينا احترام علمائنا و معلمينا و كل من يعلمنا شيئا في هذه الحياة و علينا معاملتهم معاملة تليق برسالتهم في هذا الوطن المعطاء لكي نحقق المغزى من البيت الشعري الشهير.
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
نور الدين عقاني