آخر الأخبار

التنمية الدولية للأقليات الدينية ” ريما ” بالصويرة

انطلق أخيرا بمدينة الصويرة، برنامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لفائدة الأقليات الدينية “ريما”، بحضور أندري أزولاي مستشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس وممثل الجالية اليهودية المغربية، ودافيد غرين القائم بالأعمال بالبعثة الدبلوماسية الأمريكية بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب.

ويهدف هذا البرنامج الذي سيجري تنفيذه من طرف مؤسسة الأطلس الكبير على مدى ثلاث سنوات، إلى تسجيل ومشاركة مئات الروايات والقصص التي تجسد تاريخ غني بفضل تعدد ثقافات المملكة، وإشراك الجماعات المحلية في التنقيب عن ذاكرة مجتمعاتها، وحفظ ذلك الموروث، ونقله إلى الأجيال الصاعدة حتى يتسنى لهم إحياء تاريخهم.

وتأتي هذه التجربة القائمة على الفحص ومشاركة النتائج مع باقي الفعاليات المحلية المشاركة، لتعمل على تعزيز الروابط الجماعية والرقي بها لأبعد الحدود، الأمر الذي سيؤدي إلى خلق برنامج  يساعد على تحسين سبل العيش وتعميق فهم الهوية المغربية متعددة الثقافات.

ويشمل البرنامج، الذي تبلغ قيمته المالية 3 ملايين دولار، عدد من الجماعات المحلية في 5 مدن هي: مراكش والصويرة وطنجة وفاس وأزرو، ويروم إرساء مقاربة فريدة للأديان تمكن من المحافظة التشاركية والتعليمية لتاريخ المغرب المتعدد الثقافات.

وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، قال أندري أزولاي مستشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس وممثل الجالية اليهودية المغربية، إن فضاء بيت الذاكرة الذي يقام فيه هذا الحفل يعكس الثقافة التي ميزت مدينة الصويرة ، وتاريخها وأيضا روح هذه المدينة، مضيفا أن بيت الذاكرة فضاء أيضا للمقاومة والصمود وهو ما يشكل ارثا وجب المحافظة عليه.

وأكد أزولاي أن التاريخ منحنا إرثا هاما يتمثل فيما عرفتهما الديانتين الإسلامية واليهودية من تقارب وتكامل بين الحضارتين والمذهبين، التي لن تسجل في مكان آخر.

وثمن ازولاي هذا المشروع الطموح الذي يتم إعطاء انطلاقته من هذا الفضاء ( بيت الذاكرة ) ، ما يضفي عليه صبغة المشروعية للتوافق والتعايش الذي يعيشه المغرب، وهو تمرة انخراط والتزام كبير ولعدة سنوات.

من جانبه، أكد دافيد غرين القائم بالأعمال بالبعثة الدبلوماسية الأمريكية بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب، على أهمية الشراكة المغربية الأمريكية للحفاظ على التراث الثقافي المتنوع للمملكة.

وأضاف غرين، أن تسامح وتعايش الديانات من أهم الخصائص التي تميز تاريخ المغرب، مبرزا الجهود التي بذلتها المملكة المغربية من أجل حماية اليهود خلال الحرب العالمية الثانية.

وأشار غرين إلى أن ذلك يعبر عن الشراكة المتينة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب، وعن روابط تم بناؤها وتطويرها على امتداد مائتي سنة.

بدوره، أوضح محمد طارق العثماني رئيس جمعية الصويرة موكادور، أن هذه الأخيرة تعتبر من بين الجمعيات المستفيدة من هذا البرنامج المتعلق بالأقليات الدينية والعرقية، مضيفا أن الانخراط في هذا المشروع يعد فرصة للتأكيد على إرادتنا في أجرأة برامج وأنشطة ومشاريع التي تستجيب بشكل فعلي لأولوياتنا، ولحاجياتنا اليومية بشكل يمثل قيم جمعية الصويرة  موكادور، التي أصبحت اليوم ، القلب النابض للثقافة والتعايش.

وأكد العثماني أن العيش بشكل جماعي وفي تناغم هو واقع الذي يعبر بالملموس عندنا ويجسد مرة أخرى اختيار مدينة الصويرة لاحتضان هذا الحدث.

وأشار إلى أن هذا الاختيار لم يكن اعتباطيا باعتبار أن هذه المدينة تعد فضاء لفن التعايش وقبول الآخر ، وهي المدينة التي ما فتئت في المساهمة في حوار الثقافات والتبادل والانفتاح على الآخر.

وقال الدكتور يوسف بن مير رئيس مؤسسة الأطلس الكبير، المشرفة على برنامج “ريما”، في مداخلته، إن قصص وروايات تاريخ المغرب متعدد الثقافات، تشكل إرثا غنيا وفريدا من نوعه، مبرزا أن مجهودات والتزام برنامج “ريما” بتسجيل هذه القصص وحفظها ومشاركتها مع العالم، عمل لايقدر بثمن وسيفيد حتما الجيل الحديث وكل الأجيال التي تأتي من بعده.

وتركز منحة “ريما” على عرض ودعم فعاليات التعاون بين الأديان وتضامن مختلف الأعراق، وتشجيع الجهود المجتمعية المبذولة للحفاظ على مواقع التراث الثقافي في المغرب من خلال محورين شاملين، يهم المحور الأول النهوض بالحوار الثقافي ورواية القصص المعاصرة، وتعزيز المعارف حول التراث، وحفظ الذاكرة والتاريخ، ويتعلق المحور الثاني بالانخراط في برنامج التعلم التطبيقي، عملا على استيعاب ونقل صور التعددية الثقافية المغربية وبناء قدرات الأفراد في مجال التوظيف.

وتعمل مؤسسة الأطلس الكبير، بروح مفعمة والتزام كبير، جنبا الى جنب مع 70 هيئة من منظمات المجتمع المدني في جماعات يجري اختيارها بعناية، من أجل مساعدتهم على تدوين وحفظ تاريخهم الشفهي وتسجيل هذه القصص حتى تتسنى مشاركتها مع الأجيال القادمة في إطار برامج تعليمية فريدة. وسيسهل هذا البرنامج على هذه المجتمعات بناء علاقات أوسع في جميع أنحاء المملكة، وينشر جسور تواصل أطول تضمن استقطابا أكبر للسياحة، ويخلق فرص استثمارات اقتصادية جديدة.

ويسعى طاقم البرنامج إلى إشراك الجماعات المحلية في التنقيب عن تجارب وخلفيات مجتمعاتها التي راكمها التاريخ، وبالتالي حفظ وتخليد ذاكرة هذه المجتمعات.