لا تستقيم الحياة المدرسية بدون تكسير رتابة الممارسة التربوية التقليدية القائمة على إنجاز المقررات الدراسية وذلك من خلال الاهتمام بالدور المركزي الذي تلعبه الأنشطة الثقافية والتربوية والفنية والاجتماعية، بما يحول المدرسة الى فضاء يدعم قدرات التلاميذ ويصقل مواهبهم ويربطهم بقضايا مجتمعهم. و يجعلهم مواطنين على تمام الوعي بالرهانات المختلفة لبلدهم،إذ تميزت الثانوية التأهيلية عودة السعدية بمراكش خلال السنوات الماضية بإشعاع كبير من خلال تعدد أنديتها: مركز الاستماع والوسطة المدرية، ونادي التربية على المواطنة والنادي البيئي ونادي التراث. حيث كان يتم من خلالها تعبئة كل الفعاليات المتواجدة بالمؤسسة: كأساتذة وتلميذات، جمعية آباء وأمهات التلميذات، إدارة تربوية مقتدرة وشركاء المؤسسة، باعتماد مقاربة تشاركية فعالة وانفتاح المؤسسة على محيطها السوسيو ثقافي، ما جعلها تحتل مكان الصدارة بكل استحقاق تجاوز المستوى المحلي والاقليمي الى ما هو وطني.
كل هذه الإنجازات تحققت عندما كانت المؤسسة تدار وتدبر بكفاءات نسائية مازال الجميع يشهد لها بتلك الإنجازات. إلا أنه ومنذ أن سلمت إدارة هذه المؤسسة لمدير يفتقد للكفاءة والقدرات المفترض فمن يتحمل مسؤولية تدبير مرفق عمومي من حجم مؤسسة تعليمية بها أزيد من 66 إطار تربوي و إداري، وما يزيد عن 1200 تلميذة من بينهن مل يزيد عن 200 تلميذة داخلية، فإن الواقع الحالي للمؤسسة يشهد تراجعا كبيرا وخطيرا على جميع المستويات:
-على مستوى الأندية: تعيش المؤسسة على إيقاع فراغ قاتل، لم تعد المؤسسة تتوفر ولو على نادي واحد من أصل خمسة أندية كانت من ضمن أنشطة الأندية على مستوى الجهة ككل، بل وعلى المستوى الوطني، خاصة مركز الاستماع والوساطة المدرسية والذي كان له باع كبير. حيث كان قبلة لباقي المؤسسات التي كانت ترغب في نقل هذه التجربة.
كما أن النادي البيئي حقق نتائج باهرة على المستوى الوطني عندما حاز على الجائزة الثالثة والجائزة الأولى لمؤسسة محمد السادس للبيئة، ناهيك عن أن نتائج أنشطة هذه الأندية كانت بادية للعيان في قمة التواصل والتلاحم الذي كان حاصلا بين الأطر التربوية والتلميذات من جهة وفي تراجع نسبة الهدر المدرسي، وفي النتائج الإيجابية المحصل عليها في السنوات الإشهادية خاصة البكالوريا من جهة أخرى.
وبالعودة الى هذه المؤشرات حاليا: نسبة الهدر المدرسي، انتشار العنف، نسبة النجاح، يتضح بالملموس مدى فضاعة ما آلت اليه الأوضاع في هذه المؤسسة مما جعلها تصنف من طرف الجهات الوصية ضمن المؤسسات التي لم تتخطى عتبة40%من نسبة النجاح في البكالوريا…
– على مستوى العلاقات الاجتماعية: عرفت العلاقات الاجتماعية والإنسانية داخل هذه المؤسسة تراجعا خطيرا، فبعد أن كانت المؤسسة تحتفي بأطرها في كل المناسبات خاصة تكريم أطرها المحالون على التقاعد، ومعظمهم قضى كل مشواره العلمي داخل هذه المؤسسة، وأعطى الشيء الكثير في تكوين أجيال وأطر، تشهد على هذا العطاء. ورغم المحاولات العديدة التي قام بها بعض أساتذة المؤسسة الا أنها لم تجد سوى الأبواب الموصدة في وجهها.
– على مستوى التدبير التربوي: على مدى سنة ونصف والمؤسسة بدون مجلس تدبير، بل إن هذه الإدارة لم يسبق لها أن أنجزت ولو تقريرا واحدا لهذا المجلس. وبعد احتجاج بعض الأساتذة على هذه الوضعية دعت إدارة المؤسسة لانتخاب أعضاء هذا المجلس، فكانت النتيجة كارثية بجميع المقاييس حيث لم يترشح لهذه الانتخابات سوى خمسة أعضاء لتمثيل خمس مواد بينما امتنع مجموع أساتذة 11 مادة من الترشح لعضوية هذا المجلس، وهذا العزوف مرده لأجواء الاحتقان واليأس الذي تعيشه المؤسسة بأطرها وتلاميذها، كإحدى تجليات سوء التدبير وانعدام الكفاءة والقدرات لمن أسندت إليه أمور هذا المرفق، فهل من آذان صاغية قبل فوات الأوان؟